وراء المساعدات الأمريكية لمصر قصة

14 يوليو 2013

ما هي قصة المساعدات الامريكية الى مصر

تقرير وكالة انباء الشرق الاوسط افغانستان

انتهجت الإدارة الأميركية أسلوب التريث بل التردد في إعلان موقف صريح من أحداث مصر، وتوصيفه بأنه انقلاب أم لا، وهو الأمر الذي طالبها به عدد كبير من ساسة الطيف السياسي، لنعت الحالة المتقلبة وغير المستقرة في مصر اليوم.

لكن الإدارة الأميركية ذهبت لتأكيد دعمها لاستمرارية تدفق المعونة الأميركية، بصرف النظر عن مطالبة سياسيين مقربين من شركات الأسلحة، مثل جون ماكين، بوقفها على الفور تعبيراً عن احتجاج أميركي لوقوف القوات المسلحة المصرية إلى جانب جماهير الشعب المنتفضة.
قرار الرئيس أوباما بعدم التسرع لإطلاق وصف الإنقلاب لم يأتي بشكل عفوي، إذ أنه قصد تفادي تطبيق تلقائي لقانون يفرض وقف المساعدات الأميركية لدول قامت قواتها المسلحة بإزاحة حكومات منتخبة.
هناك بعد غير مرئي في تذبذب موقف الإدارة يكمن في انحسار مدى نفوذها وتأثيرها على مصر والتداعيات المترتبة على ذلك، بل يفقدها تماماً القدرة على المناورة والضغط.

استبقت الحكومة المؤقتة في مصر، بإيعاز من قيادة القوات المسلحة، إقدام الولايات المتحدة اتخاذ إجراءات عقابية بأن أعلنت سريعاً عن التزامها بجدول زمني لإجراء انتخابات مبكرة لن تستقيم دستورياً إلا بعد استبدال نصوص دستور جماعة الإخوان الإقصائي، وحددت الحكومة شهر شباط المقبل لعقد الانتخابات، بعد مسار تشاوري لإقرار بنود دستور جديد يصيغه خبراء قانونيين وكفاءات دستورية مشهود لها يستمر نحو أربعة أشهر، يتلوه الإعلان عن إجراء استفتاء عام لإقراره.

اعلان الحكومة المؤقتة وفّر فرصة نادرة للساسة الأميركيين لمراجعة موقفهم المتشدد، مما أدى لتقلص عدد الداعين لوقف المعونة، وأضحوا أقلية في المشهد السياسي الأميركي.
مسألة الدعم الأميركي تشير إلى الهدف الحقيقي من ورائه الذي لم يكن يوماً “لدعم المسارات الديموقراطية”، بل لما تقتضيه معاهدة السلام بين مصر و”إسرائيل” وتقييد مهمة القوات المسلحة المصرية في الدفاع عن سيادة بلادها.
الإعلان عن إجراء استفتاء على الدستور في غضون فترة زمنية قصيرة لا تتجاوز أربعة أشهر يحرم الإخوان المسلمين وحلفائهم من التنعم بفترة زمنية ضرورية لحشد جمهورهم والإقرار إما بدخول معترك الحياة السياسية ومتطلباتها أو إقصاء أنفسهم على أمل أن يؤثر غيابهم على مصداقية النتائج النهائية.
الدلائل التاريخية المتوفرة تشير إلى عقم المراهنة على الخيار الثاني ونادراً ما يؤتي ثماره، بل إن الجماعات والأحزاب التي تتنحى جانباً ينتهي بها الأمر إلى التقوقع وتآكل شرعيتها بينما يمضي الآخرون قدماً.
نجاح القوات المسلحة في الحد من انتشار أعمال العنف سيفرض خيار المشاركة على الإخوان المسلمين – مع الإشارة إلى أن مصلحتهم الحزبية تستوجب اندلاع أعمال عنف وتشنج واستقطابات حادة بغية حرف مسار الانتخابات. فالإخوان المسلمون “أسكرتهم نشوة صناديق الإقتراع حالمين بصولجان الحكم”.

العقود بين مصر وأميركا تقضي بتسليم مصر 16 مقاتلة من طراز إف 16

البيت الأبيض والنخب السياسية الداعمة تستقرأ بأن مصالحها ستتعرض للتهديد إن توقفت المساعدات الأميركية لمصر. وقد أوضح الناطق باسم البيت الأبيض، جاي كارني الأمر قوله “نعتقد أنه ليس من مصلحة الولايات المتحدة” الإقدام على تغيير برامج الدعم في هذه المرحلة، نافياً وقف المساعدات في المدى القريب “إذ نعتقد أن ذلك الإجراء لا يصب في خدمة مصالحنا بالشكل الأفضل”..
ما لم يقله الناطق أن وقف الدعم سيرافقه تراجع كبير للنفوذ والتأثير الأميركي على مصر، فضلاً عن أن الدعم يعد رشوة لإبقاء معاهدة السلام حية – كما عبر عنها بعض الصفوة المشاركة في صنع القرار.
بعض النخب السياسية الأميركية حثت على التصرف بروية وهدوء في مسألة المساعدات “إذ أن المنطق الرشيد يكمن في كون المساعدات تصب في خدمة الاعتبارات الاستراتيجية الحقيقية” للولايات المتحدة. (معهد راند للابحاث).
وأوضح المعهد أن “المساعدات الأميركية لا تمثل سوى 1% من مجمل الاقتصاد المصري، مقارنة بنسبة 7% كانت تمثلها في العام 1986، فضلاً عن أن “80% ونيف من مجمل المساعدات هي عسكرية بطبيعتها.. تذهب لشراء معدات أميركية من شركات تنتج المدرعات والطائرات المقاتلة والمروحية”.
على الرغم من قيود القوانين الأميركية التي تستوجب وقف المساعدات عند قيام انقلاب عسكري، فإن الإدارة تملك بعض المرونة للتغلب عليها إن رأت ضرورة لذلك.
يذكر أن الرئيس أوباما اتخذ قراراً بوقف الدعم عن هندوراس عقب الانقلاب عام 2009، وفعل الأمر عينه في حالتي مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى بعد الانقلابات هناك عام 2012. بيد أنه لم يوقف تدفق الدعم بشكل قاطع على الرغم من أن تلك الدول لا تشغل حيز الأهمية في السياسة الخارجية الأميركية مقارنة مع مكانة مصر.

وسابقاً أقدم الرئيس بيل كلينتون على وقف بعض الدعم الأميركي لباكستان عقب الإنقلاب العسكري عام 1999، وأعاد الرئيس بوش الابن العمل ببرنامج المساعدات كاملاً عقب أحداث 11 أيلول 2001.
في الشق الآخر من المعادلة، هل ينبغي على مصر التضحية بالمساعدات المالية الأميركية، وهي في المرتبة الثانية لتلقي الدعم بعد “إسرائيل”، وتبلغ حصتها نحو 25% من مجمل برنامج التمويل العسكري الأميركي؟.
في حالة الركود الاقتصادي، التي تمر بها الولايات المتحدة، لا ينبغي الاستخفاف بقدرة العامل المالي على ايجاد فرص عمل هو بأمسّ الحاجة اليها.
أما الاقتصاد المصري فهو يعاني من التدهور الهائل منذ ثورة يناير 2011، وتراجعت نسبة الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.2% لعام 2012، وهي بالكاد تواكب نسبة النمو السكاني.
للوفاء بالتزاماتها في الإنفاق راكمت الحكومة المركزية عجزاً هائلاً في الميزانية واستهلاك رصيدها الاحتياطي من العملة الصعبة في تمويل البرامج الإجتماعية، ودعم المواد الغذائية والوقود، وتسديد الديون، والحد من تأثير هجرة أموال المستثمرين.
قطاع السياحة تأثر أيضاً إلى حد التلاشي تماماً وبهذا انقطع أحد أهم الموارد للتمويل. كما إن عدداً لا بأس به من الفقراء في مصر يعتمدون على الدعم الحكومي للمواد الغذائية الأساسية.
يقدر الخبراء الاقتصاديون أن نحو 75% من الإنفاق الحكومي لميزانية مصر السنوية يذهب لتغطية رواتب موظفي الدولة ودعم المواد الغذائية وتسديد فوائد الديون.
من هذا المنطلق تتضح أهمية الدعم الأميركي للاقتصاد المصري. إذ ينوي الرئيس أوباما الاستمرار في تقديم حزمة دعم لمصر تقدر بنحو 1.55 مليار دولار مقسمة على الشكل التالي: 1.3 مليار بصورة مساعدات عسكرية يذهب جلها لشركات الأسلحة الأميركية، ونحو 250 مليون دولار بصفة مساعدات اقتصادية.
يذكر أن حجم المساعدات لم ينمو بنسبة متساوية مع المساعدات المقدمة لإسرائيل، الذي سببه اتفاق “مذكرة تفاهم” وقعه الرئيس السابق جورج بوش الابن يخول زيادة حجم المساعدات العسكرية إليها. أما مصر فلم يعرض عليها اتفاق مشابه.
درة المساعدات العسكرية الأميركية لمصر كانت إنشاء قوة مدرعة قوامها 1200 دبابة أميركية من طراز ابرامز ام-1، يتم تجميع نحو 40% من مكوناتها في مصر دعماً لفرص العمل، في منشأة تقع في محيط القاهرة. ما يتبقى من مكونات يصنع في أميركا ويشحن بحراً لمصر.
وعليه، تمتلك مصر عدداً كبيراً من مدرعات ام-1 تعد من أكبر أسلحة المدرعات في العالم، مما يوفر للقوات المسلحة المصرية دوراً عسكرياً وسياسياً متعاظماً في المنطقة.
أما فوائد وعائدات برنامج تجميع المدرعات تعود إلى صناعة الأسلحة الأميركية، أهمها شركة جنرال دايناميكس، بولاية ميتشيغان، وهانيويل العالمية، في ولاية اريزونا، وآليسون ترانزميشين موتورز في ولاية انديانا.
ومن المقرر أن يتم ارسال شحنة من المدرعات إلى مصر الشهر الجاري، مما يرفع عدد المدرعات المنتجة بالشراكة إلى نحو 1،130 دبابة.

وتم إنتاج تلك المكونات من قبل عدة فروع لشركة جنرال دايناميكس. وعليه، فإن تخفيض أو وقف المساعدات الأميركية سيؤثر سلباً على اقتصاديات عدد من الولايات بلد المنشأ ويفاقم مستوى البطالة.
البعض الآخر من برنامج المساعدات العسكرية يتضمن شحنات من فائض المعدات العسكرية للجيش الأميركي وما يرافقها من حسومات لبرامج التدريب العسكرية، تصل قيمتها بضع ملايين من الدولارات سنوياً.

أما برامج التدريب المقررة فتهدف إلى ديمومة اعتماد القوات المسلحة المصرية على الولايات المتحدة.
برنامج المساعدات يوفر لمصر بعض المزايا الخاصة مقارنة مع الدول الأخرى التي تتلقى مساعدات.

منذ العام 2000 تودع القيمة المالية في حساب مصرفي لدى المصرف المركزي الفدرالي بمدينة نيويورك يدر فائدة مالية ويتم السحب منه تباعاً لدفع الأثمان.
كما يسمح لمصر التصرف التدريجي بأموال التمويل العسكري ودفع القيمة المطلوبة للسنة الحالية، عوضاً عن إيداع المبلغ بكامله جانباً لاستكمال شروط المشتريات على مدى عدة سنوات.
وعليه، يصبح لدى مصر الحق في التفاوض مباشرة مع شركات الأسلحة وسداد قيمة الدفعة الأولى المطلوبة بدلاً من التكلفة بأكملها.

من المقرر أن يتسلم سلاح الجو المصري بضع مقاتلات من طراز اف-16 خلال السنة الحالية، وسيتم وصول 4 طائرات مقاتلة قريباً على أن يسلم المتبقي وعددها 16 طائرة في وقت لاحق من هذا العام.
تدريب الطيارين المصريين سيتم في ولاية اريزونا، معقل السناتور المتشدد جون ماكين، الذي بذل جهوداً كبيرة لإبقاء برنامج التدريب على ما هو عليه بينما تستمر جهود البنتاغون لإغلاق القاعدة الجوية برمتها.

قد يتساءل البعض حول الحكمة والهدف من موقف ماكين المطالب بوقف الدعم الأميركي عن مصر.
تقع مسؤولية حماية ممر قناة السويس على عاتق القوات المسلحة المصرية، ويعد حيوياً لضمان الأمن في شبه جزيرة سيناء والمحافظة على سريان مفعول اتفاقيات كامب ديفيد – في المنظار الأميركي.

كما يضمن برنامج المساعدات أولوية مرور السفن الحربية الأميركية لقناة السويس.

أما المساعدة الاقتصادية، 250 مليون دولار سنوياً، فتنقسم إلى شقين: الأول يذهب إلى تمويل مشاريع بإشراف وكالة التنمية الدولية الأميركية والثاني يشمل المساعدات العينية وصرف الأموال التي تذهب لعدد من المشاريع تتضمن قطاعات الصحة العامة والتربية والنمو الاقتصادي ونموذج الحكم والديموقراطية.

والقطاع الأخير يتخفى وراء واجهة المنظمات الدولية غير الحكومية والتي تشكل مصدر تحدي واشتباك بين الولايات المتحدة ومصر، خلال عهدي الرئيس جورج بوش الابن والرئيس اوباما، وأسفرت عن تقييد مصر لحركة موظفي تلك المنظمات.
تجدر الإشارة إلى أن بعض الأموال تم المصادقة عليها لكنها لم تصرف للجهات المقصودة نظراً لاعتبارات سياسية من قبل أميركا.
وقد أعلن وزير الخارجية جون كيري، خلال زيارته القاهرة في شهر آذار 2013، عن أن الكونغرس أفرج جزئياً عن المساعدات المقررة البالغة 190 مليون دولار، فضلاً عن دفعة أخرى قيمتها 60 مليون دولار لصالح الصندوق المصري الأميركي للمشاريع.

أما ما تبقى من مساعدة اقتصادية موعودة وقيمتها 260 مليون دولار فلا زالت قيد الحظر.

يضاف لذلك وعد قطعه الرئيس اوباما بتقديم 550 مليون دولار بصيغة سداد للديون، لكنها لا تزال حبيسة أدراج الإدارة التي لم تخطر الكونغرس بالأمر كما تقتضي الأعراف.

من الثابت أن جل برامج المساعدات الأميركية المقدمة لمصر تذهب لتمويل الأسلحة والمعدات العسكرية، التي تنتجها الشركات الأميركية، بينما يذهب جزء ضئيل بالمقارنة إلى قطاع التنمية الاقتصادية، ومنها المشاريع التي تسيطر عليها القوات المسلحة التي تشغل عمالاً لانتاج مدرعات ام-1، فضلاً عن تطوير صناعة داخلية للتدريع قد تضعها في مصاف السوق العالمي في المستقبل.

باستطاعتنا القول إن الرئيس اوباما عقد العزم على استمرارية الدعم المالي لمصر وبوسعه تجاوز بعض العقبات القانونية أن تطلب الأمر. الأصوات المعترضة في الكونغرس ستتلاشى عند وفاء القوات المسلحة المصرية بوعودها لعقد الانتخابات وتبني مسار التحول الديموقراطي.

Author

الامريكية

المساعدات

المصرية

سر

قصة

مصر

وراء


اكتب تعليقك الخاص عنون البريد الألكتروني ورقم الهاتف لن يظهر في التعليق

نام

ایمیل

دیدگاه


برای گزاشتن تصویر خودتان به سایت Gravatar مراجعه کنید.