مشكلة القوات الألمانية في أفغانستان

9 يناير 2014

مشكلة القوات الألمانية في أفغانستان

تقريروكالة أنباء الشرق الأوسط أفغانستان

كان ولا يزال التدخل في أفغانستان، يمثل بالنسبة للجنود وعناصر الشرطة الألمان أحد أشد التدخلات الخارجية خطراً منذ الحرب العالمية الثانية، فقد كبدتهم المهام التي كلفوا بها هناك مقتل 52 رجلا.

كما مثّل ذلك التدخل تحولا مثيراً للدهشة في سياسة الأمن الألمانية، كشأن التدخل الذي تم خلال التسعينيات لتوطيد الأمن في كوسوفو.

وفي كتاب «أفغانستان ومأزق سياسة الأمن الألمانية»، الذي نعرضه هنا، وقد كتبه ثلاثة باحثين ألمان متخصصين في قضايا الأمن والقانون الدولي، يتمحور النقاش حول فرضية مفادها أن استخدام وسائل القوة والإكراه أمر ضروري، لأنه يمنح السكان ظروفاً أمنية أفضل، ومع ذلك فإن استخدامها بفاعلية وبالتوافق مع القواعد الديمقراطية لا يكفي لتحقيق الأمن بصورة مستدامة؛ بل إن عوامل مثل التنمية الاقتصادية والاندماج الاجتماعي لا تقل أهمية عن ذلك.

ويقدم الكتاب وصفاً للمعضلات التي تواجه مساعي ألمانيا لتحديد المقدار «السليم» من استخدام وسائل القوة والإكراه في أفغانستان، ويناقش المشكلات التي تواجهها قوات الجيش والشرطة الألمانيتان عند استخدامهما تلك الوسائل، مختتماً بتوصيات حول التداخلات العسكرية المستقبلية.

منذ انتهاء الحرب الباردة، أخذت بعض الدول ترسل قوات عسكرية وشرطية إلى دول أخرى تسودها الصراعات.

لكن في هذه الدول غالباً ما تتلاشى الاختلافات بين الممارسات الحربية والممارسات الإجرامية، مما يحتم على القوات الدولية استخدام وسائل عنف وإكراه لحماية نفسها والمدنيين في مناطق عملها.

ومن هنا تنشأ الحاجة إلى المرونة، أي القدرة على استخدام بدائل مختلفة من حزمة إجراءات مهمة لتحقيق الأمن المنشود، وعلى نحو لا يقوض استعداد السكان المحليين للتعاون مع القوات الأجنبية.

وفي السنوات الأولى التالية على إسقاط «طالبان»، استطاعت ألمانيا أن تتفادى المساهمة في العمليات الحربية.

لكن الأمر اختلف بعدما ساء الوضع الأمني هناك؛ حيث اتضحت حدود تمسك ألمانيا بمنهجها القائم على بث الاستقرار وإعطاء الدفاع عن النفس أولوية قصوى.

لكن ذلك، كما يوضح الكتاب، لم يفلح في خفض المخاطر المحيطة بالقوات الألمانية، ولم يمنح المواطنين الأفغان الحماية المنشودة.

ويقدم الكتاب تفسيراً للمعضلات التي تواجهها ألمانيا في سعيها لاستخدام وسائل عنف وإكراه مرنة.

فالشروط التي تعمل في ظلها القوات الأجنبية في أفغانستان، عرقلت قدرة ألمانيا على التكيف وفق نهج يناسب طبيعة الخصوم هناك.

كما أن الثقافة الاستراتيجية السائدة في ألمانيا تتصف بتحفظ شديد تجاه المخاطر؛ علاوة على أن غالبية الألمان يرفضون العمليات الحربية التي لا يراد منها الدفاع عن النفس في المقام الأول.

وشكل هذا النفور السياسي والعسكري من المخاطر قيداً يحد من استخدام وسائل القوة والإكراه، حيث واصلت ألمانيا التمسك بمبدأ استخدام القوة العسكرية في حالات استثنائية فقط، وللأغراض الدفاعية في المقام الأول.

 لكن بدءاً من عام 2009، لم يعد خافياً أن ألمانيا تشارك في الحرب الدائرة رحاها في أفغانستان، فصارت لدى جنودها فرص أكثر لاستخدام وسائل القوة والإكراه على نحو مرن.

ويتطرق الكتاب إلى تدخل أفراد الشرطة الألمانية في أفغانستان، كانعكاس للشروط الثقافية الدارجة في ألمانيا.

فأولئك الأفراد ليست لديهم صلاحيات تنفيذية، بل يسترشدون في مساعدتهم للشرطة الأفغانية بالنموذج المدني في بلادهم، كما يعملون غالباً في مناطق تتسم بالأمان نسبياً.

لذلك فقد نجحت ألمانيا في مقاومة ضغوط الولايات المتحدة، ومطالبتها لها بضرورة اشتراك الشرطة الألمانية في مكافحة التمرد.

ويختم الكتاب بتوصياته حول نشر قوات أمن ألمانية في الخارج مستقبلاً، ليطالب ألمانيا بمواصلة تحفظها حيال شن عمليات تنطوي على مخاطر بالنسبة للمدنيين، وتحوم شكوك حول فاعليتها.

والمقصود هنا هو قتل بعض الأفراد غيلة، لمجرد الاشتباه في أنهم متمردون أو تجار مخدرات، أي اغتيالهم من غير محاكمة وبلا أدلة تدعم الاتهامات المزعومة.

ويحذّر الكتاب من تبني النموذج الأميركي القائم على دعم قوى محلية لا تخضع للرقابة الديمقراطية في مناطق التدخل العسكري، لأن دعم هذه القوى، وإن كان يحقق تحسناً أمنياً قصير الأجل، فإنه يزيد من انتهاك حقوق الإنسان في دول لا يسودها القانون على النحو المطلوب.

كما يطالب بتعزيز الرقابة الديمقراطية على التدخلات الخارجية، قائلاً إن الحكومة الألمانية مدعوة لإعلان استخدامها للوحدات الخاصة بشفافية أوسع، وكذلك الأمر فيما يتعلق بالدعم العسكري والبوليسي الذي تقدمه لدول على شاكلة أفغانستان.

Author

أفغانستان

ألمانيا

القوات

مشاكل


اكتب تعليقك الخاص عنون البريد الألكتروني ورقم الهاتف لن يظهر في التعليق

نام

ایمیل

دیدگاه


برای گزاشتن تصویر خودتان به سایت Gravatar مراجعه کنید.