رئيس فرنسا القادم يوالي الأسد وبوتين!؟

26 نوفمبر 2016

ممّا لا شك فيه، أن ظهور داعش والنصرة ، و غيرهما من المجموعات السلفية، كان له كبير الأثر على التحولات التي طرأت على الرأي العام الغربي، فيما يخص ما سمي بـ”الربيع العربي”، خاصة مع حالة اللا أمن، التي بات يعيشها المواطن في أوروبا عامة، وفي فرنسا على وجه الخصوص.

وَمِمَّا زاد من سوء هذه الحالة ، ما صرح به رئيس وزراء فرنسا الحالي، السيد فالس، بعد إعتداءات ١٣ نوفمبر العام الماضي، و التي حصلت رغم ما سبقها من تشديدات أمنية موسعة في باريس طيلة الستة أشهر التي سبقتها، من أن فرنسا ليس بإمكانها تجنب وقوع أعمال إرهابية لاحقة، وأن الأعمال القادمة سوف تحصل بكل تأكيد، و قد تُخلف ضحايا أكثر، كما يمكن أن يستعمل فيها السلاح الكيماوي، وأن مكافحة الفكر المتطرف قد تحتاج إلى جيل كامل .

تصريحات كهذه هزت المجتمع الفرنسي، وجعلته في حالة تأهب دائم، مما ولَّد رغبة عارمة، في الوسط الفرنسي، لوضع حد ل “داعش” و أخواتها، و إلى سياسة خارجية فرنسية أكثر صرامة و حدّة، في تعاملها مع التطرف، تختلف عن سابقتها، و خاصة تلك التي قادها وزير خارجية فرنسا الأسبق، فابيوس، الذي وصف النصرة بأنها تقوم بعمل جيد في سوريا!!!.

المتتبع للرأي العام الفرنسي يلاحظ التحول في الأولويات، بخصوص الموضوع السوري، من إسقاط الرئيس الأسد من السلطة، إلى وجوب محاربة التطرف، أولوية لم تكن لتأخذ الصدارة لولا ذاق الشعب الفرنسي بنفسه بشاعة الإرهاب.

من هنا يظهر أسم فرانسوا فيون ، رئيس وزراء فرنسا الأسبق، الذي كانت له مواقف صارمة في هذا الإتجاه، مواقف كهذه، تقول التقديرات أنها لعبت دوراً هاماَ في زيادة نسبة التصويت له الأحد الفائت، تزيد عن العشرين بالمئة. والذي لايزال ينتظر نتيجة الدور الثاني الأحد القادم مع منافسه، جوبيه، هذا و تشير التقديرات إلى ترجيح فوز فيون، خاصة بعد حصوله في الدور الاول ما نسبته ٤٤٪‏ من الأصوات، إضافة لدعم ساركوزي له، الحاصل على ٢٠٪‏ من الأصوات في المرحلة الأولى.

وفي حال فوزه في الانتخابات التمهيدية، ليمثل اليمين و الوسط، فإن طريقه إلى الإيلزيه سيُصبِح معبداً، خاصة في ظل أزمة القيادات لدى اليسار الفرنسي، و بعد الأداء الهزيل لسياسة أولاند، في السنوات السابقة، إضافة لعدم إمكانية وصول اليمين المتطرف للرئاسة في فرنسا، فحتى في حال وصلت لوبين للمرحلة الثانية من الإنتخابات، فمن المتوقع تحالف اليمين و اليسار لهزيمتها، كما جرى قبل عام في الإنتخابات البلدية.

فمن هو فرانسوا فيون ؟

فرانسوا فيون من مواليد ١٩٥٤، مسيحي كاثوليكي متدين، من هواياته المفضلة قيادة سيارات الفورملا ون، حاصل على شهادة في الحقوق قسم القانون العام، يَعتبر ديغول مثله الأعلى، دخل الحياة السياسية في العام ١٩٧٧، وقد تولى عدة وزارات أغلبها كان يغلب عليها الطابع الإجتماعي، مما جعله قريب من الناس، تولى رئاسة وزراء فرنسا مع وصول ساركوزي للحكم عام ٢٠٠٧، وغادر المنصب الذي شغله لمدة خمسة سنوات، بعد فشل ساركوزي في الانتخابات امام الرئيس الحالي فرانسوا أولاند، وهي ثاني أطول مدة لرئيس وزراء بعد جورج بومبيدو.

متزوج منذ العام ١٩٨٠، لمرة واحدة، بخلاف الرؤوساء السابقين، و لديه خمسة أولاد، أكبرهم ماري (٣٤عام)، والتي ،بالمناسبة، توالت عليها عروض الزواج، بعد ظهورها مع والدها في برنامج عن حياته الخاصة، بُث على قناة ام ٦ الفرنسية قبل شهر من الآن.

ماذا عن موقفه من الأحداث في سوريا و الشرق الاوسط؟

فيون يختلف في مواقفه الخارجية ليس فقط مع اليسار الفرنسي، بل حتى مع اليمين الذي يُعتبر جزء منه، ومن أهم آراءه السياسية:

دعوته ، بعد أحداث ١٣ نوفمبر، لإنشاء تحالف دولي، يضم حزب الله و الأكراد والحكومة العراقية و الحكومة السورية، من أجل مكافحة الإرهاب، ومعارضته بنفس الوقت تسليح الجيش الحر بإعتباره ليس جدياً بمحاربة داعش، ويعتبر الحلفاء السابقين هم من يقومون بمحاربة داعش بشكل فعلي. وقد أيد التدخل العسكري الروسي في سوريا، في العديد من المناسبات.

رغبته في إعادة العلاقات الدبلوماسية مع الدولة السورية، و إعتبار ذلك التواصل جوهرياً للوقوف عن كثب على آراء الحكومة السورية، وإعترافه بوجوب الحوار مع السلطات القائمة بغية الوصول إلى حلول واقعية، بعيداً عن التمنيات.

و بإعتباره مسيحياً متديناً، (ما ساعده في الحصول على العديد من الأصوات في الانتخابات التمهيدية من قبل المجموعات المسيحية المتبنية للخطاب الديني)، فإنه يرى أن حماية مسيحيي الشرق من الأولويات في توجهاته، بخصوص الشرق الأوسط، ويرى أن سياسة فرنسا الحالية، لم تقدم ما يجب للمسيحيين هناك من حماية و رعاية.

و من جانب آخر فهو يعتبر أن المسيحيين مع بقية الأقليات الأخرى في سوريا، تقف بشكل فعلي مع الدولة السورية، خاصة في ظل ما أفرزته الأحداث من تهديد وجودي لهم، وقد أكد ذلك قبل أقل من عام في مدينة زحلة اللبنانية، عندما كان في زيارة للكنيسة الكاثوليكية هناك.

أما فيما يتعلق بالموقف من السعودية و قطر، فإنه يحملهما جزءاً من المسؤولية فيما يخص نشر التطرف في العالم.

كيف ستكون السياسة الخارجية الفرنسية في عهده؟

تعليقاً على فوز ترامب في الإنتخابات الامريكية، قال (دعونا ننظر إلى أفعاله عندما يستلم مهامه، والتي بالتأكيد ستكون مختلفة عن أقواله)، وبخصوص قيام تحالف بين ترامب وبوتين، قال ( انه لا يتوقع ذلك فقط، بل يتمناه أيضاً، فروسيا دولة كبيرة ولها مصالحها، وعلينا التعامل معها كما هي، و أن نحترم هذه المصالح). و هو لا يخفي صداقته مع بوتين وإعجابه به، بل يرى بوجوب التحالف مع روسيا، و يطالب برفع العقوبات الأوربية عنها. وقد عبر العديد من الناخبين الذين صوتوا له، أن من أهم ما جعلهم يصوتون له، هو نظرته للسياسة الخارجية الفرنسية، و التي سيقيمها على أساس التحالف مع بوتين، ومحاربة داعش.

بخصوص المانيا، دعى لإقامة اتحاد كونفدرالي مع ألمانيا، بغية تعزيز وتقوية منطقة اليورو. و اما في الشأن الآسيوي، فإنه يرى بأهمية التمدد الأوربي في القارة الآسيوية، وذلك جنباً إلى جنب مع روسيا، وعدم ترك روسيا تتفرد بالسيطرة على تلك المنطقة.

إذاً سنبقى بإنتظار أيار ٢٠١٧، موعد الإستحقاق الرئاسي الفرنسي، لنرى هل ستتم ترجمة هذه الأقوال إلى أفعال، وخاصة فيما يتعلق بالحرب في سوريا، و هل ستصبح النظرة الفرنسية للحل في سوريا أكثر واقعية من مجرد دعوة الأسد للتخلي عن السلطة، دون الأخذ بعين الإعتبار، تعقيدات المنطقة و ظروفها الخاصة، و مسيرتها التاريخية.

الكاتب: أحمد الصالح

Author

الاسد

بوتين

روسيا

سوريا

فرنسا

فرنسوا فيون


اكتب تعليقك الخاص عنون البريد الألكتروني ورقم الهاتف لن يظهر في التعليق

نام

ایمیل

دیدگاه


برای گزاشتن تصویر خودتان به سایت Gravatar مراجعه کنید.