خطر داعش على سيناء مصر

19 مايو 2015

خطر داعش على سيناء مصر

تقرير وكالة أنباء الشرق الأوسط افغانستان

يوماً بعد يوم، تتخذ الحرب المفتوحة بين الدولة المصرية والتكفيريين في سيناء مساراً اكثر تعقيداً.
المواجهة ضد التكفيريين في شبه الجزيرة، التي لاحت في الافق قبل عشر سنوات، واتخذت منحى تصاعدياً منذ «ثورة 25 يناير»، باتت جزءاً من الحرب الشاملة التي يخوضها تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» – «داعش»، خصوصاً بعد اعلان «انصار بيت المقدس»، اكثر الجماعات التكفيرية خطورة في مصر، البيعة لأبي بكر البغدادي، متخذة اسماً جديداً هو «ولاية سيناء» في «دولة الخلافة».
كل ذلك اتى على حساب السيناويين، الذين توقعوا، بعد اربعين عاماً من قتالهم الى جانب قواتهم المسلحة المصرية ضد الاحتلال الاسرائيلي، ان يلاقوا تقديراً يضمن ابسط حقوقهم كمواطنين، بعد عقود من التهميش والإهمال على كافة المستويات، بما في ذلك رفض تجنيدهم في الجيش المصري لدواع أمنية، تبدو متصلة بـ «تشكيك» تاريخي في وطنيتهم!
ولا يخرج عن اسباب شعور السيناويين بالإحباط الوعود التي تطلقها الحكومات المصرية المتعاقبة بتنفيذ مشاريع تنموية، سرعان ما يكتشف انها «وهمية».
هذا الاحباط، الذي يصل الى درجة اليأس والغضب، كان السبب في جنوح بعض السيناويين، وبشكل خاص من جيل الشباب، الى اتخاذ موقف سلبي وصل الى درجة «العداء» مع الدولة المصرية بكافة مؤسساتها، ما هيأ التربة الخصبة لتغلغل الأفكار المتشددة والتنظيمات الجهادية المتطرفة، التي باشرت نشاطها في شبه الجزيرة المصرية قبل اكثر من عقدين، إلى أن قررت الانتقال بأفكارها إلى مرحلة التطبيق العملي، بداية بتفجيرات طابا ورأس الشيطان ونويبع ودهب وشرم الشيخ في العام 2004، مروراً بالهجمات المباشرة ضد القوات المسلحة وعمليات تفجير انبوب تصدير الغاز ابان «ثورة 25 يناير»، وصولاً الى اعلان الحرب المفتوحة.
ومنذ تفجيرات العام 2004، وما تلاها من احداث، تعاملت الدولة المصرية بتوسيع دائرة الاشتباه بين جميع أهالي سيناء نظرا لغياب المعلومات لديها بشأن الجماعات الجهادية، حتى شملت قائمة الاعتقالات خلال عهد حسني مبارك ما يقرب من 4000 معتقل تعرض بعضهم لاعتداءات وانتهاكات صارخة، فيما ساهم تولي حبيب العادلي منصب وزير الداخلية آنذاك في تحويل سيناء الى ساحة للقمع والاعتقالات والانتهاكات.
وبالتوازي مع السلوك الأمني هذا، تنامى نشاط التنظيمات التكفيرية، التى نجحت فى استقطاب الشباب، الذي لجأ إليها كحاضنة أخرى بديلة للدولة التي تقمعه، ليتخذ بعدها نشاط تلك التنظيمات منحى تصاعديا بعد «ثورة 25 يناير»، ويصل إلى ذروته عقب سقوط نظام جماعة «الإخوان المسلمين»، مع ظهور جماعات جديدة مثل «التوحيد والجهاد» و «أنصار بيت المقدس»… وأخيراً «داعش».
ويبدو ان هذه التطورات الخطيرة لم تدفع الدولة المصرية، بقيادتها السياسية الجديدة، نحو ارادة حقيقية لتدارك أخطاء الماضي ومعالجة ما نتج عنها من تداعيات، بل ظلت اجهزة الأمن تسير على سياسات الأنظمة السابقة التي أصرّت على ابعاد السيناويين عن اي معادلة لمعالجة الأوضاع في شبه الجزيرة المصرية.
ويقول مدير «مركز القاهرة للدراسات الإستراتيجية والإقتصادية» الدكتور عبد المنعم السيد، في حديث الى «السفير»، أن «عدم وجود إرادة سياسية حقيقية لتحقيق تنمية شاملة مستدامة في سيناء هو الذي جعل الأوضاع هناك على ما هي عليه حالياً»، مشيرا إلى أن «كل الأحاديث السابقة، طوال الأعوام الماضية، عن خطط ومشاريع التنمية ظلت حبرا على ورق».
ويرى السيد ان «الضامن الوحيد لنجاح خطط تنمية سيناء التي أعلن عنها الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخرا يتمثل في الالتزام أمام الرأي العام بمخططات ثابتم وجداول زمنية للانتهاء من المشاريع القديمة والمقترحة خلال الفترة المقبلة، والا فإن هذه الخطة ستكون كسابقاتها في الأنظمة البائدة».
وفي ما يعكس التعقيدات المرافقة للحرب على الإرهاب، وفي تطور اعتبره البعض خطوة في طريق تخلي الدولة المصرية عن سيادتها في سيناء، وفشل في محاربة الإرهاب، بينما نظر اليه آخرون بإيجابية، أعلنت قبيلة «الترابين»، احدى أكبر القبائل فى سيناء انخراطها في القتال ضد تنظيم «ولاية سيناء» («داعش»).
وفيما يبقى امر مشاركة القبائل في قتال التكفيريين مثار جدل في مصر، فإن ثمة مخاوف من أن تتكرر في سيناء تجربة «صحوات» العراق، حين اغرى الاحتلال الاميركي القبائل السنية للمشاركة في الحرب ضد تنظيم «القاعدة» في مقابل نفوذ وصلاحيات أكبر، لينتهى الأمر بعد ذلك إلى حالة كبيرة من الانفلات والفوضى، مهّدت لسيطرة تنظيم «داعش» على ثلث مساحة العراق.
هذا الامر يحذر منه اللواء حمدي بخيت، الخبير الإستراتيجي والعسكري خلال حديث الى «السفير»، قائلاً إن «دخول القبائل على خط المواجهة، من دون سيطرة كاملة من قبل الدولة المصرية، سيؤثر سلبا على الاوضاع في سيناء، بحيث تتحول المنطقة إلى صراع قبلي واقتتال أهلي تصعب السيطرة عليه».
وفيما تتخذ الحرب «الداعشية» اشكالاً جديدة، سواء في العراق وسوريا أو في اليمن وليبيا، ابعاداً جديداً، يبدو ان سيناء قد باتت في قلب تلك التعقيدات، لتصبح شبه الجزيرة المصرية، او بوابة مصر من الشرق، في دائرة استهداف شبح التقسيم الذي يطل برأسه على امتداد الوطن العربي، ليضاف كل ذلك الى دائرة استهداف متقاطعة، تمثلها مخططات اسرائيل، التي من المؤكد انها لا تزال تتربص شراً بـ «ارض الفيروز».

Author

خطر

داعش

سيناء

مصر


اكتب تعليقك الخاص عنون البريد الألكتروني ورقم الهاتف لن يظهر في التعليق

نام

ایمیل

دیدگاه


برای گزاشتن تصویر خودتان به سایت Gravatar مراجعه کنید.