مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب لا يرف له جفن أو وخزة ضمير لتوصيفات باتت ملازمة له في ترحاله: قاسي القلب، وقح، عنصري، مهرج، يكشف مكنوناته الفكرية والعقائدية دون حرج.. الخ، وربما مرادفات أخرى تنطبق عليه أشد تطرفاً مما ورد.
حقيقة الأمر أن تصرفات ومسلك الملياردير “تجسد” خصائص ومبادئ ومنطلقات السياسة الأميركية منذ ولادة كيانها السياسي المستند إلى العنف والبطش أولاً، بل يلقى آذاناً صاغية ونفوساً صاغرة للتقرب منه كناية عن التزامها الفكري والعقائدي بل والغريزي أيضاً.يشار إلى أن ما يسمى “الآباء المؤسسين” للكيان السياسي الأميركي يشاطرون ترمب في جملة سلوكيات وخصائص، لا سيما وأنهم بالمجمل “تفاخروا بتعصبهم العنصري والثراء الفاحش والغطرسة وممارسة الرق”، فضلاً عن اعتقادهم بدونية المرأة، اتساقاً مع تصريحات وسلوكيات ترمب.
الحرج والإحراج التي يتسبب بها ترمب بإطلاقه تصريحات “رعناء”، في نظر بعض النخب، لم تمنعه من تصدر المشهد السياسي برمته بخلاف كافة التصورات والتوقعات السابقة.
الآلة الإعلامية للحزب الجمهوري، ممثلة بقناة “فوكس نيوز”، استضافت ترامب برفقة معظم المرشحين الآخرين في حلقة جدالية طمعاً في إحراجه وإخراجه عن المألوف، كما يعتقد، تنتهي بتسديد ضربة قاسية لحملته تعزله مبكراً.
غرور وغطرسة ترمب ساهمتا بعكس ذلك، وشكلتا حرجاً لخصومه في الحزب الجمهوري، وقد يذهب المرء للقول إن الآلة الإعلامية برمتها تعمل على “تقليص” حجم الخسارة بعد “صمود” ترمب أمام جهود التوريط.في هذا الصدد، أوضح الرئيس الأسبق لمجلس النواب عن الحزب الجمهوري، نيوت غينغريتش، أن ترامب يحدد بمفرده قوانين اللعبة الانتخابية فهو “ليس مدين لأحد كونه ينفق من ثروته الخاصة وليس بحاجة إلى تبرعات انتخابية”، وأضاف إن ترمب يعد “أفضل محاور إعلامي، ربما على طول عمر التاريخ السياسي الأميركي”.
ترمب جاهر باستغلاله ثروته المالية الضخمة “لشراء ولاء ونفوذ” شخصيات سياسية نافذة للحفاظ على مصالحه المتشعبة، ليس أقلها معاداته تشكيل نقابات عمالية في الفنادق والكازينوات التي يمتلكها في مدينة الملاهي لاس فيغاس، بل “تفاخر” ترمب بتأييده حملة المرشحة هيلاري كلينتون للرئاسة مالياً عام 2008، فضلاً عن دعم مرشحين آخرين عن الحزب الديموقراطي.حذر الرئيس الأسبق جيمي كارتر، في المقابلة المذكورة، من تركيز السلطة بأيدي قلة من الميسورين، قائلاً إن النظام السياسي “أضحى مجرد اوليغاركية (قلة سياسية)، تتمتع برشى سياسية لا تنضب تتحكم بالترشيحات للمناصب (المحورية) كمنصب الرئيس أو انتخابه”.”
الاوليغاركية” في ترجمة الحزب الجمهوري ومرشحه دونالد ترمب تقود إلى تسلط كبرى الشركات بالمفاصل الأساسية، الأمر “الذي يتنامى في معظم المشهد السياسي العالمي”.
في الطرف المقابل، تتصدر هيلاري كلينتون قائمة مشرحي الحزب الديموقراطي، وقد يسفر الأمر عن منافسة بينها وبين الملياردير ترمب؛ ويتفوق عليها راهناً في عدد محدود من الولايات “المحورية للانتخابات”، فلوريدا مثالاً، التي يطمعان للفوز بها إن كان سيكتب لأي منهما النجاح.