الصمت الأمريكي عن مجزرة اليهود في غزة

12 يوليو 2014

الصمت الأمريكي عن مجزرة اليهود في غزة

تقرير وكالة أنباء الشرق الأوسط أفغانستان

الرئيس الأميركي باراك أوباما يثبت أنه ليس في عجلة من أمره لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، ومعلومات تشير إلى عدم تفضيل الجانب الأميركي لإجتياح إسرائيلي بري لغزة والمماطلة بإطالة القصف الجوي.

لا ينبىء العنوان بشيء جديد أو مغاير للتحولات التاريخية التي شهدها مسار الصراع العربي  – الإسرائيلي على أرض فلسطين.

الفارق الساطع هذه المرة هو في وحدة وصلابة رد المقاومة الفلسطينية الممنهج على مراكز ومقرات ومؤسسات استراتيجية للكيان الغاصب، وأوضح تعبيراتها تجسد في صعود الفلسطينيين أسطح منازلهم وأكواخهم المتهالكة، للمشاهدة والاحتفال بوصول صواريخ المقاومة إلى أهدافها التي أحدثت الهلع في أوساط المستعمرين الصهاينة وهم يهرولون للاختباء في أقبية الملاجيء، يرافقهم تصريحات قادتهم الفاشيين يعدونهم “باستئصال شأفة المقاومة”، بعد اضطرارهم في كل مرة إلى استدارة دباباتهم وفوهات مدافعهم تراجعاً وتقهقراً.

جولة جديدة دشنتها اسرائيل بغطرسة وصفاقة واجرام معهود: قيام ذراعها من المستعمرين بخطف شاب عربي واضرام النار بجسده حيا،ً وارسال حمم طائراتها الأميركية الصنع لتدك شعب يرزح بأكمله تحت الحصار في غزة، في ظل استمرار حرص السلطة الفلسطينية على العودة للتفاوض واستمرار التنسيق الأمني، وتسجيل أميركا احتجاجها شفوياً ضد “الجيش الذي يقهر ويذل” لاعتدائه وخطفه شاب فلسطيني آخر صادف حمله للجنسية الأميركية وتعذيبه بمشهد مروع صورته الكاميرا.

في الفضاء الأوسع ، وبعد إقرار للمسؤولين الصهاينة أن قطاع غزة وخلال أيام العدوان الخمسة الأولى المتواصلة تعرض لما يفوق 900 غارة جوية بطائرات أميركية الصنع والذخيرة، وإلقاء حممها بزنة نحو 1000 طن من المواد المتفجرة، وتدمير أكثر من 200 منزل تدمير كامل ونحو 6000 منزل تدمير جزئي، وخسائر بشرية، شهداء وجرحى، تتزايد باضطراد.

 أمام هذا المشهد كرست الحكومة الأميركية مواقفها العدائية بالوقوف أمام استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يدين العدوان الصهيوني، سبقه تصريحات متكررة لمسؤولين كبار عبرت عن عدم رغبة أو توفر ارادة للتدخل الاميركي بنية وقف العدوان.

بل تجاهل الرئيس اوباما المستجدات والتطورات الاقليمية ومضى زائراً يجول في عدد من المدن الاميركية توسلاً لتبرعات مالية تعين الحملات الانتخابية لمرشحي الحزب الديموقراطي.

وبهذا أثبت الرئيس اوباما أنه ليس في عجلة من أمره لوقف العدوان سيراً على خطى أسلافه السابقين واتساقاً مع الاستراتيجية الأميركية المعادية للشعوب المطالبة بحريتها واستقلالها.

 بل لم يدب فيه الحماس لاستقبال شخصي للعاهل الاردني الزائر، الملك عبد الله الثاني، وارجأ الأمر الى نائب الرئيس جو بايدن ليستضيفه على مأدبة افطار صباحي بأجواء عائلية، مرسلاً بذلك رسالة لمن يعنيهم الأمر أن الظروف الميدانية والسياسية لم تنضج بما فيه الكفاية بعد كي تدخل الولايات المتحدة بثقلها لإنقاذ إسرائيل بدافع التهدئة وحقن الدماء.

وعليه يستطيع المرء تلمس حقيقة أولويات الرئيس أوباما بالإلتفات إلى حملة تبرعات دشنها منذ أربعة شهور لتعزيز فرص المرشحين عن حزبه الديموقراطي، بعد بضعة شهور، وارجاء القضايا الأخرى ذات الأبعاد الإستراتيجية أبرزها العدوان على غزة.

هذا الاستنتاج يعززه نتائج استطلاعات للرأي أشارت إلى تدهور شعبية اوباما وتدني الأداء الاقتصادي وتهديد ماثل لخسارة الحزب الديموقراطي زعامته لمجلس الشيوخ، وتراجع الاهتمام الرسمي بالشؤون الخارجية بشكل عام.

أدرك الرئيس أوباما أخيراً أن معركته لكسب أصوات المستقلين خاسرة كانعكاس لتدهور الحالة الاقتصادية، ويضاعف مهامه ومهام مرشحي حزبه لإدامة لحمة القاعدة الحزبية. ويسعى أوباما جاهدا لبناء تحالف قاعدة انتخابية أوسع امتداداً دلالة على الاستراتيجية الجديدة للبيت الأبيض بالاستدارة لصقل سياسات داخلية.

في الشأن الداخلي أيضاً، تواصلت أزمات الرئيس اوباما بتسديد المحكمة العليا هزيمة إضافية لبرامجه الداخلية واصطفافها إلى جانب أصحاب المصالح الكبرى، التي طالبت بتقييد حرية العامل والموظف التمتع بمزايا نظام الرعاية الصحية تخص توفير وسائل منع الحمل، الأمر الذي قد يترجم انتخابياً بتضخم صفوف العامل النسائي في صفوف الحزب الديموقراطي احتجاجاً على تدخل “السلطات العليا” بأمورهن الخاصة والشخصية. كما استشاط أقطاب الحزب الجمهوري غضباً من سياسة اوباما “المتساهلة” مع موجات الهجرة “غير الشرعية” نحو الولايات الجنوبية المشتركة حدودياً مع المكسيك، واتهامه باسترضاء القاعدة الانتخابية للجالية اللاتينية؛ مع إدراك الطرفين أن تجمعات انتخابية بعينها لا تلعب دوراً مفصلياً في تقرير النتائج الانتخابية، ولجوء قادة الحزب الديموقراطي إلى فرط الاعتماد على القوى الانتخابية المنظمة، أهمها الجالية اليهودية، التي تتميز بحسن تنظيمها وتعبئتها ومشاركتها الأكبر في الانتخابات من غيرها.

والجدير بالذكر أن اليهود يشكلون نسبة تتراوح بين 2 – 2.5% من عموم الشعب الاميركي، تقطن أغلبتهم المطلقة بنسبة 94% في 13 ولاية من مجموع الولايات الخمسين.

توزيع أصوات الجالية اليهودية يذهب بغالبيته لصالح الحزب الديموقراطي، تقدر أحدث الدراسات أن 70% منهم يميلون للصف الديموقراطي، مقارنة مع نسبة 49% من عموم الأميركيين يؤيدون الحزب.

 النسب المذكورة تشير إلى أهمية وحساسية الفوز بأصوات اليهود بالنسبة للرئيس اوباما والمرشحين الديموقراطيين، لا سيما في الولايات التي تصنف حاسمة: اوهايو وفلوريدا وبنسلفانيا.

مرجعية الأصوات اليهودية، فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية بشكل خاص، طرأ عليها بعض التغيرات في المراحل الأخيرة، وإن لم تكن حاسمة وقاطعة إلا أنها تدل على تعديل بعض المسلمات السابقة لمن يهتم بحسبان الأصوات.

وأشارت أحدث استطلاعات معهد “بيو” أن غالبية اليهود ينظرون إلى أنفسهم كمواطنين أميركيين أولاً، واهتمامهم باسرائيل يحتل المرتبة الثانية مع ملاحظة تراجع حدة الانتماء للطائفة اليهودية – وفق استطلاعات “بيو”.

 وأضاف “بيو” أن نحو 71% من اليهود غير المتدينيين يتزاوجون خارج الطائفة اليهودية، ونحو 60% منهم لا يمارسون شعائرهم داخل المعبد.

هذه الشريحة بالذات هي التي يراهن عليها الحزب الديموقراطي لاستقطابها، يعززها إعراب 54% من اليهود الأميركيين عن تأييدهم لمدى الدعم الاميركي لإسرائيل.

النسبة المتبقية من اليهود، 46%، هي التي يرمي أوباما لاستقطابها في ظل توارد معلومات بأن قطاعها الأوسع بات يميل لتأييد الحزب الجمهوري سيما وأنها الشريحة الولادة بين اليهود، وبعضها لا يكن تأييداً للرئيس أوباما ويعارض سياساته المتشددة نحو إسرائيل”.

شريحة الارثوذوكس أو المتدينيين من اليهود هي الأكثر نمواً وتشكل نحو 12% من مجموع الجالية اليهودية في أميركا؛ مع الإشارة إلى أن الجيل الفتي تحت سن الثامنة عشر ويشكل 75% من مجموع اليهود.

 الجزء الأكبر من هذه الشريحة هو الأميل لتأييد الحزب الجمهوري لدوافع اقتصادية وتجارية بالدرجة الأولى، ويتجمهرون في المدن الرئيسة.

على سبيل المثال، يميل نحو 33% من شريحة الارثوذوكس الكبيرة في مدينة نيويورك لتأييد الحزب الجمهوري.

في التفصيل أيضاً، اعتبر نحو 40% من اليهود القاطنين مدينة نيويورك انهم من الارثوذوكس، مقارنة بنسبة 33% أجريت قبل نمحو عقد من الزمن.

بلغة الاحصاء، إن استمرت تلك الظاهرة بالتصاعد فإن شريحة الارثوذوكس من اليهود ستشكل كتلة متراصة وثابتة الدعم للحزب الجمهوري، نظرا لتأييدهم البرنامج المحافظ للحزب في الأبعاد الاجتماعية والسلوكية والاقتصادية، والدينية ايضاً.

سجل عام 2012 تصويت 86% من اليهود الارثوذوكس لصالح الحزب الجمهوري، مقارنة مع نسبة 28% تأييداً للحزب من غير الارثوذوكس.

 بالمقابل صوت نحو 72% من غير الارثوذوكس اليهود للرئيس أوباما وحاز على نسبة تأييد 14% فقط من أصوات الارثوذوكس اليهود.

يهمنا الإشارة في هذا الصدد الى التزام شريحة الارثوذوكس اليهود بالسياسة الاسرائيلية كأولوية على ما عداها من قضايا، وربما هذا ما يفسر نأي الرئيس اوباما بالنفس عن الاهتمام بالعدوان على غزة، دون تجاهل البعد الاستراتيجي في السياسة الأميركية المعادية لقضية العرب المركزية.

Author

أوباما

إسرائيل

البهود

غزة

فلسطين


اكتب تعليقك الخاص عنون البريد الألكتروني ورقم الهاتف لن يظهر في التعليق

نام

ایمیل

دیدگاه


برای گزاشتن تصویر خودتان به سایت Gravatar مراجعه کنید.