100 دولار للطفل المقاتل في سوريا

12 سبتمبر 2016

محمد الحسين، علاء، ابو يعقوب.. عينّة صغيرة من آلاف الأطفال الذين تم تجنيدهم في محافظة إدلب من قبل جماعات المحيسني، وزُجّ بهم للقتال على جبهات عديدة، أبرزها وآخرها مدينة حلب حيث قتلوا.

متابعةٌ سريعة للتسجيلات التي تبثها الفصائل المسلحة للمعارك الجارية على جبهة حلب الجنوبية يمكن أن توضح الصورة أكثر: الأطفال موجودون في المعارك، وبنسبة كبيرة جداً، قسمٌ كبير منهم تمّ إعدادهم كانتحاريين.

حكاية تجنيد الأطفال بدأت منذ العام الأول لاندلاع الحرب في سوريا حيث كثّفت الفصائل «الجهادية» نشاطها على الأطفال، فقامت بتجنيد الآلاف منهم عن طريق المساجد وفي المراكز «الدعوية»، كما أنشأت عشرات المعسكرات الخاصة بهم، ضمن سباق فصائلي على هذا المورد البشري الهائل، فتورطت معظم الفصائل في ذلك، على الرغم من تركيز وسائل الإعلام على معسكرات تنظيم «داعش» و «جبهة النصرة» فقط.

تجنيد الأطفال بدأ يأخذ منحىً تصاعدياً كبيراً، وقفز قفزات عدة بعد سيطرة الفصائل «الجهادية» على مدينة إدلب قبل أكثر من عام ونصف، فتم إنشاء سبع معسكرات خلال فترة ستة اشهر فقط في محافظة إدلب خاصة بالأطفال.

اتخذ عبدالله المحيسني داعي دعاة جيش الفتح من الشحن العاطفي طريقا له للوصول إلى قلوب الأطفال لزجهم في المعارك واعتمد في خطته على إرسال وفود من شيوخ الفصائل الجهادية لزيارة الأهالي بشكل دوري في قرى محافظة إدلب لإقناعهم بضمّ أطفالهم.

وكان الحديث دائماً يدور حول فكرة ان ابنك سيكون شفيعاً لك في الآخرة. بدأت حملة تجنيد الأطفال التي حملت عنوان «انفروا» منذ عام 2013 حيث قام المحيسني بتأسيس مركز جهادي يحمل اسم «دعاة الجهاد» وتوسعت الحملة إلى أن شملت ريف حلب الشمالي بداية عام 2015.

وتضمن إطلاق الحملة مطبوعات وملصقات دعائية عمت أرجاء ادلب وحلب، بالإضافة إلى تكثيف للخطب الحماسية وتسهيلات مادية كبيرة مقابل ضم الأطفال، مئة دولار للطفل الواحد في مخيمات النزوح والفقر استطاع بها المحيسني شراء ألف من أنفس الأطفال أرسلوا إلى مخيمات التدريب للتعويض عن نقص المقاتلين ولا سيما الأجانب منهم.

وفي معسكرات التدريب، يتم غسل أدمغة الأطفال، وتدريبهم على استخدام الأسلحة الخفيفة والرشاشات، في حين يتم اختيار الاطفال من ذوي البنية الجسدية القوية للتدرب على استعمال الرشاشات الثقيلة ومضادات الطيران، كما شملت التدريبات عمليات اقتحام، وعمليات انتحارية وهمية، بالإضافة إلى تكثيف العمل على نفسيات الأطفال وتجهيزهم للقتال والموت.

جبهة فتح الشام (النصرة سابقاً) أكثر الفصائل التي استفادت من معسكرات «المحيسني» حيث ضمت أكثر من ثلثي الأطفال الذين شاركوا في المعسكرات إلى صفوفها، في حين اجتذبت «حركة أحرار الشام» قسماً من الأطفال، وتم الاحتفاظ بما تبقى منهم لمعارك تالية، علما أن معسكرات تدريب الأطفال تمت تحت إشراف مقاتلين من فتح الشام وأحرار الشام.

وفي وقت تقدر فيه المصادر المطلعة عدد قتلى الفصائل المسلحة التي تشارك في الهجوم على حلب (يبلغ عددها 21 فصيلا) بأكثر من 3000 مسلح، حتى الآن، تشير بعض المصادر إلى أن عددا لا بأس به من القتلى تتفاوت أعمارهم بين 15 و 22 عاماً، دون وجود رقم دقيق لعدد القتلى من الأطفال دون الـ 18 عاماً، في حين تؤكد مصادر ميدانية أن معظم الأطفال الذين قتلوا تم الزج بهم على الصفوف الأولى من جبهات القتال، وأطلق عليهم لقب «انغماسيين»، بالإضافة إلى انتحاريين اثنين من الأطفال فجرا نفسيهما خلال المعارك.

وتستفيد الفصائل «الجهادية» من طبيعة الأطفال والمراهقين اللينة وسهولة دفعهم للموت في تنفيذ العمليات الانتحارية وعمليات الاقتحام الصعبة، نظرا لسهولة شحنهم ودفعهم للموت، وهو ما يشكل «منجم كنز» بالنسبة لهذه الفصائل، بالإضافة إلى ضمان استمرار فكرها وانتشاره بعد زرعه في رؤوس الأطفال، الذين سيكبر من ينجو منهم ويتابع مسيرة القتل التي نما عليها، ما يمكن أن يعطي مؤشرا حول طبيعة الحرب الدائرة حاليا في سوريا، والفترة الزمنية اللازمة لانتهائها، والتي وإن انتهت ميدانيا فإنها ستستمر فكرياً لسنوات طويلة.

Author

الأطفال

الإرهاب

جبهة النصرة

سوريا

فتح الشام


اكتب تعليقك الخاص عنون البريد الألكتروني ورقم الهاتف لن يظهر في التعليق

نام

ایمیل

دیدگاه


برای گزاشتن تصویر خودتان به سایت Gravatar مراجعه کنید.