نموذج من انتخابات مجلس شورى عُمان

نموذج من انتخابات مجلس شورى عُمان

 شاكرة بنت خصيب البوسعيدية، حتى ولو كانت المرأة الوحيدة المترشحة في مواجهة 18 مرشحاً ذكراً يتنافسون معها في ولاية الرستاق على مقعدين في مجلس الشورى العُماني، الذي جرت أمس انتخابات فترته الثامنة، التي تمتد لأربع سنوات مقبلة. وهي لم تفعل ذلك لعدم ثقتها بالمرأة وحقها في ممارسة دور سياسي وتشريعي.
كما لم تصوت «أم يمنى» لابن قبيلتها، لكنها أعطت صوتها لمرشح أعجبها «برنامج عمله، وسيرته الذاتية، ويتمتع بمستوى تعليمي جيد»، وهي لا تعرفه مباشرة، «ولكن معروف عنه قدرته والتزامه بتنفيذ ما يعد به». صحيح أن زوج «أم يمنى» (وهو عسكري لا يحق له التصويت في الانتخابات) لم يفرض عليها التصويت لمرشح معين، لكنه بارك تصويتها للمرشح الذي اختارته.
حال «أم يمنى» يشبه حال معظم الناخبات والناخبين الذين التقتهم «السفير» في جولة أمس على بعض مراكز الاقتراع، لا سيما في ولايتي الرستاق (150 كيلومتراً شمالي مسقط) ونخل (105 كيلومترات من مسقط)، والذين أصروا على إعطاء الأولوية لـ «دم جديد» يأتي إلى مجلس الشورى يتولى تنشيط دور هذا المجلس ودفعه لممارسة صلاحياته كاملة في مجال التشريع والمراقبة.
فحميد مهنا سليم المعمري اختار «كفاءة المرشح على حساب الاعتبارات القبلية»، فمرشحه يحمل درجة الماجستير وهو شاب «سيضخ دماء جديدة في المجلس». كما أن محمد راشد العدوي اختار مفتشاً تربوياً «صاحب رؤيا اجتماعية نحتاج إليها، وأتوقع منه التجديد في طريقة التفكير في المجلس والاعتماد على الوسائل التكنولوجية الحديثة في تسيير شؤون المواطنين». ويصف سعيد بن سالم العرفاتي المرشح الذي اختاره بأنه «شاب نشيط يتمتع بثقافة عالية وبمستوى تعليمي ممتاز».
الكلام عن التغيير وتجديد الدماء لا يقتصر على الناخبين، فالمرشحة عن ولاية السيب نصراء بنت صالح النعمانية تؤكد أنها ترشحت لتكون جزءاً من التغيير في البلاد، متمنية أن تتحمس كل امرأة لتساهم في التغيير.
ولكن ما الذي يمكن لمجلس الشورى القيام به في تسيير شؤون البلاد؟
والي الرستاق الدكتور هلال الحبسي (وهو كان عضواً في مجلس الشورى وقبل ذلك موظفاً فيه وأعد أطروحة الدكتوراه عن دور المجلس) أشار لـ «السفير» إلى أن مجلس الفترة السابعة (2011 ـ 2015)، لم يمارس كل ما لديه من صلاحيات في مجالات التشريع والرقابة والشؤون المالية، وبرغم ذلك أنجز 22 تشريعاً، وبإمكان المجلس الجديد مناقشة كل التفاصيل المتعلقة بالموازنة وإخضاع وزراء الخدمات لجلسات استجواب، ومناقشة تقارير جهاز الرقابة المالية واتخاذ التوصيات في ضوئها.
وبدوره، يشير والي الرستاق، كما العديد من المسؤولين العمانيين، إلى تراجع ملحوظ في نسبة تأثير الاعتبارات القبلية على اختيارات الناخبين، معيداً «نظراً إلى تزايد الوعي لدى المواطنين وخصوصا الشباب».
يذكر أن الانتخابات التي جرت بين الساعة السابعة صباحاً والسابعة مساءً، لم تستوجب تعطيلاً للدوائر الرسمية، بل كان على الموظف أن يحصل على ورقة من مركز الاقتراع تفيد بأن فترة تغيبه عن العمل كانت بسبب التصويت. أما الاقتراع فكان متاحاً للناخب، إما في مكان الإقامة أو مكان القيد المدني، وما عليه سوى الحصول على بطاقة فيها شريحة الكترونية ذكية، ينبغي أن تتطابق مع بصمة إبهامه لممارسة حقه في التصويت، دونما حاجة لوضع إصبعه في المحبرة على غرار ما يجري في لبنان.
وترشح للانتخابات 596 شخصاً (لا يقل مستواهم العلمي عن شهادة الثانوية العامة)، بينهم 20 امرأة، تنافسوا على 85 مقعداً في 61 ولاية (لكل ولاية مقعد أو اثنان حسب عدد سكانها، وفي إحدى الولايات الصغيرة تنافس 22 مرشحاً على مقعد واحد)، وبلغ عدد الناخبين 611906 ناخبين.
ومجلس الشورى يقوم بمراجعة مشاريع القوانين التي تعدها الوزارات والجهات الحكومية قبل اتخاذ إجراءات إصدارها، ويقدم توصيات إلى مجلس الوزراء في شأن مشاريع التنمية والموازنات العامة، كما انه يشكل مع مجلس الدولة «مجلس عمان» الذي يرفع التوصيات في شأن القوانين إلى السلطان قابوس قبل إصدارها. ومجلس الدولة يتم تعيينه من جانب السلطان، ويقارب عدده عدد أعضاء مجلس الشورى أو اقل قليلاً، ويتم اختيار أعضائه من بين الوزراء والسفراء السابقين، إضافة إلى الأشخاص البارزين في مجال اختصاصهم، بما في ذلك المجال الثقافي، وكذلك بعض الذين لم يحالفهم الحظ في انتخابات الشورى ويرى السلطان وجوب أن يشاركوا في مناقشة مشاريع القوانين والموازنات. كما أن مجلس الدولة يحفظ للمرأة دورها في المشاركة في الحياة السياسية والتشريعية، بحيث يزاد عدد النساء فيه كلما تراجع حضور المرأة في مجلس الشورى على غرار ما حصل في العام 2011 حين لم تفز سوى امرأة واحدة في الانتخابات.