مُذنِبٌ يعتبر الآخرين مذنبين!

19 يناير 2017

شهدت أفغانستان الأسبوع الفائت عدة هجمات بينها إعتداءين ضخمين في العاصمة كابل وقندهار أسفر عن مقتل وإصابة المئات، لكن المفارقة كانت طبيعة الإنفجار وهويات الضحايا؛ ففي الهجوم المأساوي على مبنى تابع للبرلمان غرب كابل كان الهدف الأساسي أناس مدنيين وعناصر القوات الحكومية فضلاً عن موظفي البرلمان، لكن بتفجير قندهار الدموي داخل مضافة حاكم المقاطعة وإلى جانب الضحايا الأفغان، لقي 5 ديبلوماسيين من الإمارات العربية المتحدة مصرعهم وأصيب عدداً آخر بجروح بينهم السفير (جمعة الكعبي).

على أن تفجير قندهار أصبحت محط إهتمام داخلي ودولي كبير وسلط عليها الأضواء إعلامياً وسياسياُ بسبب تعرض طاقم دبلوماسي أجنبي لهجوم نوعي قلما شهدتها البلاد خلال السنوات الماضية.

أحد الشخصيات التي صدر عنها تعليقات “مضحكة” هو (ضاحي خلفان تميم) نائب رئيس الشرطة والأمن العام في إمارة دبي، والذي إتهم القوات الأمنية والشرطة الأفغانية بأنها تتحمل المسؤولية المباشرة عن الحادث الذي وقع للسفير وأعضاء البعثة الإماراتية.

لقد ألقى السيد ضاحي خلفان بجميع الذنب على عاتق الشرطة الأفغاني جزافاً، وهو قد نسي ربما أن دولته (الإمارات) كانت الراعي الرئيسي للمجموعات المتشددة التي شهرت السلاح بوجه الحكومة الأفغانية، وكانت بين 3 بلدان فقط في العالم إعترفت بحكومة طالبان في تسعينيات القرن الماضي.

يتعين على المسؤولين الإماراتيين عدم لوم القوات الأمنية الأفغانية التي تعتبر الخط الأول لمكافحة الإرهاب في العالم وقدم تضحيات كبيرة في هذا الإطار، بينما كان زعماء التنظيمات المتشددة وعلى رأسهم أسامة بن لادن يضخ أمواله فيها ويستثمر في المشاريع لينفقها على تاجيج الصراع في أفغانستان.

بدلاً من إعتبار الشرطة الأفغانية مذنبة ومقصرة في حادثة تفجير قندهار، يجب على الإماراتيين التركيز لإيجاد حلول جذرية لمعضلة الإرهاب وتجفيف المصادر المالية وبخاصة أثرياء الخليج وشيوخ دبي وأبوظبي والسعودية وقطر والكويت وباقي البلدان العربية الذين وضعوا حجر الأساس لما أصبح يعرف بإسم “الإرهاب”.

لقد كان هؤلاء شيوخ النفط من أشعل أتون الحرب في اليمن وسوريا وأفغانستان والعراق، ودفعوا ثمن الأسلحة والمعدات العسكرية للتنظيمات المتشددة، فضلاً عن توفير الملاذات الآمنة لقادة الإرهابيين. لولا أموال النفط لم يكن تلك التنظيمات تحلم بالحصول على كل هذه الصواريخ والمعدات العسكرية المتطورة والتخطيط لتنفيذ هجمات وإعتداءات إستخباراتية معقدة يعجز احياناً الشرطة الأفغانية إحباطها لتحقيق أهدافهم في أفغانستان.

وفي سياق متصل، هؤلاء هم شيوخ وأثرياء البلدان النفطية الذين تربطهم علاقة وثيقة مع جهاز الإستخبارات الباكستانية ( اللذين يؤكد المسؤولون الأفغان الحضن الدافئ والملاذ الآمن لأعضاء وزعماء التنظيمات المسلحة التي تقاتل ضد الدولة في أفغانستان) وشكلوا أضلاع المثلث الوحيد الذي إعترف رسمياً بحكومة نظام طالبان.

لقد أخفقت البلدان تلك البلدان النفطية (الخليجية) وبخاصة الإمارات العربية المتحدة التي فقدت 5 من ديبلوماسييها في تفجير قندهار إنقاذهم رغم إمكاناتها الهائلة ونفوذها الكبير على حركة طالبان وعلاقاتها القوية مع باكستان.

مع هذا كله، كيف يمكن لعاقل أن يلقي باللوم كله على الشرطة الأفغانية التي نؤكد مرة أخرى أنها تقاتل في الصف الأول ضد الإرهابيين ولم تكلف أي دولة من البلدان المؤسسة للتنظيمات الإرهابية نفسها عناء الضغط على تلك التنظيمات للجلوس على طاولة الحوار ونبذ العنف لإحلال السلام في أفغانستان.

كيف يقبل هؤلاء الجهابذة إصدار ردود أفعال متسرعة لتوبيخ الآخرين على مقتل الديبلوماسيين وإغفال دور الشهداء والجرحى الأفغان في هذا الإعتداء تحديداً واللذين رحلوا بصمت كما باقي ضحايا الإعتداءات الدامية التي تشهدها أفغانستان يومياً، دون أن يتحرك أحساس المسؤولية لدى تلك البلدان والتحرك للمساهمة بحلها؟

وأخيراً.. على هذه البلدان التي تريد العيش بسلام وطمأنينة، العمل على إحلال الإستقرار في أفغانستان والكف عن دعم التنظيمات المتشددة؛ وكان يقول المثل “أحب للناس ما تحبه لنفسك”.

Author

أفغانستان

الإرهاب

الإمارات

تفجير قندهار

دبي

ضاحي خلفان


اكتب تعليقك الخاص عنون البريد الألكتروني ورقم الهاتف لن يظهر في التعليق

Comment is not allowed