مقتل مناضل فلسطيني بظروف غامضة في بلغاريا

27 فبراير 2016

سقط المناضل الفلسطيني عمر نايف حسن زايد شهيداً في العاصمة البلغارية صوفيا بعد تعرضه لاعتداء بأدوات حادة داخل السفارة الفلسطينية، التي كان لجأ إليها بعد رفضه طلب السلطات هناك تسليم نفسه تمهيداً لتسليمه لإسرائيل التي كانت قبل شهرين طالبت به بتهمة الهرب من معتقلاتها.

                                                                                 11
ولم تخف وسائل الإعلام الإسرائيلية فرحها بـ «تسوية الحساب» المديد مع الشهيد، وتحدثت عن «تصفية» داخل السفارة الفلسطينية.

وكان الشهيد من النشطاء البارزين في الحياة العامة للجالية الفلسطينية في بلغاريا التي استقر فيها مع عائلته منذ أكثر من 20 عاماً بعد رحلة نضال شاقة.

وكانت السلطات الإسرائيلية قد اعتقلت عمر نايف في العام 1986 مع مجموعة من رفاقه في «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» بتهمة قتل أحد المستوطنين في القدس المحتلة، وحكمت عليه بالسجن مدى الحياة. وكان تعرض لتعذيب شديد فساءت صحته، لكنه أيضاً عمد إلى إعلان إضراب عن الطعام، ما اضطر الإسرائيليين إلى نقله إلى المستشفى، حيث أفلح في الفرار والاختفاء، إلى أن تمكن من الهرب إلى الخارج ثم الوصول إلى بلغاريا في العام 1994.

ومن الجائز أن نجاح الشهيد، وهو من قرية اليامون قرب جنين، في الفرار من يد السجّان الإسرائيلي، مثّل شهادةً له في الجرأة، خصوصاً أن مثل هذا العمل يعتبر نادراً، لكنه أيضاً وفر الأساس الدائم لملاحقته. فهو عدا نجاحه في الهرب، كان متهماً ومداناً من محكمة إسرائيلية، وبالتالي فهو مطلوب بدرجة إلحاحية لأجهزة الأمن الإسرائيلية وانتقامها. ولكن ما ساعده على البقاء في بلغاريا هو أنه وصل إليها في أوائل سقوط المعسكر الاشتراكي، حيث كانت للفلسطينيين مكانة وصداقات في المؤسسات الحاكمة في دول ذلك المعسكر، وخصوصاً في بلغاريا. وقد تزوج الشهيد من إحدى قريباته التي ذهبت إلى بلغاريا لتعيش إلى جانبه، خصوصاً أن وضعه لم يكن يسمح له بالخروج من هناك.


وبرغم أن زوجته وأطفاله الثلاثة حصلوا على الجنسية البلغارية، إلا أن الحكومات المتعاقبة هناك، وبالتنسيق اللاحق مع الإسرائيليين، رفضت منحه الجنسية فعاش إلى يوم استشهاده بإقامة دائمة. وتأبى المصادفات أن تتجنب حياة الشهيد عمر الذي لا يمكن أن تمر مرور الكرام على واقعة اغتياله في اليوم ذاته الذي يزور فيه رئيس الحكومة البلغارية، بويكو بوريسوف، إسرائيل، ويجتمع إلى رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو.


ومنذ الإعلان عن ملاحقة الشرطة البلغارية لعمر بقصد تسليمه لإسرائيل، بدأت في بلغاريا والعديد من الدول العربية والأوروبية نشاطات لمنع تسليمه. وفي هذا الإطار، ضغطت جهات فلسطينية في الضفة الغربية على السفارة في بلغاريا من أجل إيوائه والحفاظ عليه، كما طالب فلسطينيون كثر مؤسسات ومسؤولين أوربيين بالتدخل لمنع تسليم عمر.


ويعترف المعلق الأمني في «معاريف»، يوسي ميلمان بأن إسرائيل هي المشتبه فيه الأساسي باغتياله لأنها طالبت بتسليمه قبل شهرين. وأوضح أن هناك احتمالات عدة بشأن المنفذين: «إذا كانت إسرائيل فعلاً ضالعة، فهذا يقتضي أن تكون العملية تمت بأيدي الموساد المسؤول عن العمليات الخاصة خارج الدولة. وواضح أنه إذا كان عمر قد اغتيل، فإن من نفذ ذلك كان ينبغي أن يتسلل للسفارة الفلسطينية التي وجد عمر فيها ملاذاً، والسفارة كما هو معلوم تخضع لحراسة».

وأضاف أن الاحتمال الثاني هو أن «يكون المنفذ شخصاً من الداخل، من موظفي السفارة، أو أحداً يعرفه ويلتقي معه داخل المبنى. ويمكن الافتراض أنه بسبب توقيت زيارة رئيس الحكومة البلغارية، وبسبب العلاقات الأمنية الوثيقة بين الدولتين في محاربة الإرهاب، هناك من سيعرض احتمال أن يكون جهازا أمن إسرائيل وبلغاريا فعلا الأمر سوياً. ومعروف أن إسرائيل تعاونت مع السلطات البلغارية في التحقيق بقتل حزب الله الإسرائيليين قبل بضع سنوات في بورغاس».


وفور الإعلان عن اغتيال الشهيد عمر، أعلنت عائلة المستوطن الإسرائيلي الذي اتهم الشهيد بقتله عن فرحتها، معتبرة أنه «بعد ثلاثين عاماً، تمت تصفية الحساب. هذا شعور طيب للعائلة». وقالت شقيقة المستوطن إنه «قبل شهرين، أبلغتنا وزارة الخارجية باكتشاف المخرب في بلغاريا. وأنا أؤمن أنهم قاموا باغتياله».


وفور شيوع نبأ اغتيال الشهيد، بدأ تداول الاتهامات، حيث حمّل فلسطينيون طاقم السفارة المسؤولية عن الحادث. وقال شقيق الشهيد إن عائلته «تحمّل السلطة المسوؤلية، ولا تتهمها». 

Author

بلغاريا

فلسطين المحتلة


اكتب تعليقك الخاص عنون البريد الألكتروني ورقم الهاتف لن يظهر في التعليق

نام

ایمیل

دیدگاه


برای گزاشتن تصویر خودتان به سایت Gravatar مراجعه کنید.