لماذا دعت اسرائيل تركيا لغزة؟

27 مارس 2016

طالبت تركية من اسرائيل أن توفر لها امكانية الوصول الكامل لغزة من أجل السيطرة عليها لكن يرى المراقبون أن هذه الخطة ربما تصبح أداة بين يد اسرائيل من أجل الضغط الأكثر على حماس وقادته. وطالبت تركيا من إسرائيل بمنحها حق “الوصول غير المحدود” في تأمين المساعدات إلى قطاع غزة و أن مسؤولين أتراك قالوا أنه إن سمحت إسرائيل بهذا، ستعتبر تركيا هذا استجابة كافية لشرط أنقرة برفع الحصار عن غزة.

وقال مسؤول إسرائيلي كبير أن الأزمة بين تركيا ومصر هي أحد العوامل الأساسية التي تصعِّب التسوية مع تركيا. ولاحظَ المسؤول أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قلقٌ لأن أي تنازل يتعلق بقطاع غزة لتركيا في سبيل ترقيع العلاقات بين البلدين سيضرُّ بالعلاقات الاستراتيجية بين إسرائيل ومصر. وأضاف المسؤول أن مسؤولين إسرائيليين كبار حاولوا التوسط بين تركيا ومصر في سبيل تخفيف التوتر بين البلدين وتخفيف معارضة مصر لأي وجود تركي في القطاع، لكن هذه الجهود لم تصل إلى نتيجة حتى الآن.

7

 

العلاقة القوية بين تركيا وحكومة حماس في غزة هي سببٌ آخر للتوتر العميق بين مصر وتركيا. فمصر التي فرضت حصاراً شبه تام على القطاع من ناحية شبه جزيرة سيناء يهمها الحفاظ على أقصى ضغط ممكن على حماس، لديها تحفظات تتعلق بأي تسهيلٍ للقيود المفروضة على القطاع من قبل إسرائيل، خاصةً إذا كان هذا يتضمن تواجداً تركياً أقوى في القطاع.

هذا وبعد سقوط نظام الرئيس المصري الأسبق “حسني مبارك” في شباط / فبراير 2011 وتسلم الرئيس “محمد مرسي” القيادي في حركة الاخوان المسلمين مقاليد الأمور في هذا البلد، دعمت تركيا حكم الاخوان طيلة وجوده في السلطة وحتى الإطاحة به من قبل المؤسسة العسكرية المصرية ومجيء الرئيس عبد الفتاح السيسي في حزيران / يونيو 2014. وبسبب رفض تركيا الاعتراف بنظام حكم “السيسي”، توترت العلاقات بين أنقرة والقاهرة، وانعكس هذا التوتر على مواقف الجانبين بشأن الكثير من قضايا المنطقة لاسيّما القضية الفلسطينية. فمصر التي لعبت في السابق دوراً متميزاً في توجيه مسارات هذه القضية، خصوصاً فيما يتعلق بمفاوضات التسوية بين الكيان الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية، إبتعدت عن هذا الدور في عهد “السيسي”، في حين سعت تركيا لملئ هذا الفراغ لتحقيق مكاسب سياسية عن هذا الطريق. وبعد إتهام حكومة “السيسي” لحركة حماس بالتدخل في شؤون مصر الداخلية والتعاون مع الحركات السلفية والتكفيرية لتنفيذ عمليات إرهابية في صحراء سيناء، تصاعدت حدّة التوتر بين الجانبين، و وصل الأمر إلى حد قيام مصر باستهداف قاعدتين عسكريتين لحماس في شباط/ فبراير 2015 وتدمير معظم الأنفاق التي حفرتها الحركة في قطاع غزة، فيما تحدثت مصادر عن إحتمال قيام الجيش المصري باجتياح القطاع للقضاء على حماس في تلك الفترة.

من جهتها سعت تركيا للتقرب إلى حماس والكيان الإسرائيلي في آن واحد، كما سعت لتعزيز علاقاتها مع السعودية رغم دعم الأخيرة للحكومة المصرية بقيادة “عبد الفتاح السيسي”. وجاءت هذه التحركات في إطار تطلعات حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا بزعامة “رجب طيب أردوغان” لإحياء أحلام الخلافة العثمانية. وتجلت علاقة حماس بأنقرة بشكل واضح بعد إتمام صفقة تبادل الأسرى بين الحركة والكيان الإسرائيلي عام 2011 والتي تم خلالها إطلاق سراح 1027 أسير فلسطيني مقابل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي “جلعاد شاليط”، حيث إختار الكثير من الأسرى الفلسطينيين المحررين في هذه الصفقة الذهاب إلى تركيا بعد أن إشترط الكيان الإسرائيلي إبعادهم خارج فلسطين المحتلة.

وخلال عام 2015 قام رئيس المكتب السياسي لحركة حماس “خالد مشعل” بزيارة إلى أنقرة وبقي فيها مدّة شهر كامل، وحاولت تركيا خلال هذه الزيارة إقناع حماس بالاعتراف بالكيان الإسرائيلي والدخول معه في مفاوضات من أجل تسوية القضية الفلسطينية في إطار ما يسمى “حل الدولتين”. في هذه الأثناء سعت حكومة “السيسي” لاستعادة دور مصر في القضية الفلسطينية لكنها لم تتمكن من تحقيق شيء يذكر في هذا المجال، بسبب إنشغالها بالتحديات الداخلية والخارجية ومن بينها الأزمة الإقتصادية الحادّة التي تعيشها البلاد، والمعارضة السياسية التي تواجهها من قبل أطراف متعددة في الشارع المصري.

وتجدر الإشارة إلى أن تركيا تمكنت الى حدٍ ما من توظيف علاقاتها مع قطر والسعودية للضغط على نظام “السيسي” الذي سعى بدوره للتخلص من أزمته الإقتصادية من خلال الهبات السعودية وبعض دول مجلس التعاون الحليفة لها.

ويعتقد الكثير من المراقبين بأن محاولات “السيسي” لإعادة دور القاهرة في القضية الفلسطينية يهدف في الحقيقة إلى كسب ودّ الشعب المصري، خصوصاً بعد الاحتجاجات الشديدة التي شهدها الشارع المصري ضد تدخلات سفارة الكيان الإسرائيلي بشؤون مصر الداخلية واستمرار الحصار الجائر الذي يفرضه هذا الكيان على قطاع غزة منذة عدّة سنوات.

من هنا يمكن القول بأن غزة تحولت إلى ساحة لتصفية الحسابات بين القاهرة وانقرة، وإذا ما ارادت حكومة “السيسي” كسب الجولة فينبغي لها أن تعيد النظر بسياستها تجاه القضية الفلسطينية، وعدم إتاحة الفرصة لتركيا التي تسعى لتعزيز موقفها من خلال التظاهر بدعم حماس كون الأخيرة تمثل الثقل السياسي والعسكري في قطاع غزة، ولا زال الكيان الإسرائيلي ينظر إليها على أنها الطرف الأقوى والمؤثر في القضية الفلسطينية، ولهذا يسعى من خلال علاقاته مع أنقرة للتأثير على قرارتها بشأن مفاوضات التسوية وصفقات تبادل الأسرى والحصار المفروض على القطاع.

Author

الكيان الصهيوني

تريكا

فلسطين المحتلة


اكتب تعليقك الخاص عنون البريد الألكتروني ورقم الهاتف لن يظهر في التعليق

نام

ایمیل

دیدگاه


برای گزاشتن تصویر خودتان به سایت Gravatar مراجعه کنید.