كيف يتهرب الكيان الاسرائيلي من القرارات الدولية؟

28 يونيو 2016

تعتبر قرارات الشرعية الدولية أحد الأدوات الدبلوماسية لحل الصراع العربي- الإسرائيلي، ورغم ذلك فقد أسقطت مسيرة التسوية مرجعية العديد من هذه القرارات، فخضعت لتوازن القوى، وبالتالي لإملاءات إسرائيلية واشتراطاتها المستمرة. ولا غرو في ذلك، فطالما جرى الانتقال من الشرعية الدولية إلى ما يمكن تسميته بالشرعية التفاوضية، وفي ظل غياب مبدأي العدل والإنصاف، فضلاً عن اختلال موازين القوة، فما الذي يمنع إسرائيل، ليس فقط من الاستمرار في التنصل من التزاماتها والإفلات من العقاب، وإنما من فرض شروط جديدة وحتى صيغة إسرائيلية للحل النهائي؟!

8

وهكذا، لا يمكن فهم المواقف الإسرائيلية المختلفة تجاه الشرعية الدولية وقراراتها إلا إذا أدركنا كنه هذه الدولة وطبيعتها؛ أولاً بوصفها دولة خارج القانون، فممارساتها تجعلها في مصاف الدول الاستعمارية، وثانياً، بوصفها دولة تمارس نظام الفصل العنصري، وأخيراً، بوصفها دولة ذات سجل إجرامي. وقد عبرت قيادات إسرائيلية بشكل صريح عن هذه العدوانية. فمثلا صرح ديفيد بن غوريون يوماً “إن صراعنا مع الفلسطينيين واضح البساطة، نحن وهم نتنازع على نفس قطعة الأرض، والفرق بيننا وبينهم أننا سنكسب إما بالحرب وإما بالسياسة وإما بالخديعة”. وبعبارة مقتضبة عبرت تسيفي ليفني عن ردة فعلها على قرار مجلس الأمن رقم (1860) الصادر يوم 9/1/2009، بقولها “إسرائيل عملت وتعمل فقط بموجب اعتباراتها الأمنية وحقها في الدفاع عن النفس”.

بالإجمال يمكن القول إن ثلاثة عوامل أساسية حكمت الموقف الإسرائيلي من الشرعية الدولية:
1. اعتبارات أيديولوجية مستمدة من مرتكزات “حلمها الصهيوني”،
2. قدرتها على التنكر والتنصل مع الإفلات من “العقاب” بالاستناد إلى دعم الدول الغربية عموماً، ودعم الولايات المتحدة خصوصاً، فضلا عن غموض قرارات الشرعية الدولية،
3. رهانها على ضعف الجانب العربي والفلسطيني في التعاطي الإيجابي مع الشرعية الدولية.

للسلوك الإسرائيلي تجاه الشرعية الدولية معالم رئيسية:

1. اللاأخلاقية: فإسرائيل كانت تحتكم إلى الشرعية الدولية في ضوء ما تقدمه لها من فرصٍ تصب في خدمة مشروعها الصهيوني، وإن واجهت ضغوطا فإنها تلجأ إلى أسلوب المماطلة والتهرب من الوضوح والحسم والتلاعب. أو التكيف مع هذه الضغوط وذلك من خلال استغلال الظروف الجديدة في محاولة التحلل من التزامات سابقة، أو من خلال خلق مشكلات قبل تنفيذ الالتزامات. أو التفاوض بشكل منفرد مع الفلسطينيين والعرب.
2. تفريغ القرارات من مضمونها: من خلال تزييف المعنى الأصلي لقرارات الشرعية الدولية، وتحرير معاني ألفاظها وعباراتها، واللعب على اختلاف معاني مفاهيمها. وجدير بالملاحظة أن غموض القرارات الدولية يترك لإسرائيل حرية تفسيرها. كما أن نجاح إسرائيل دون موقف عقابي وحاسم من الشرعية الدولية، يشجعها على الاستمرار على هذا السلوك.
3. نفي دور الأمم المتحدة: وذلك بالاستناد إلى واشنطن، أو بخلق إجماع دولي بعيدا عن الأمم المتحدة وقراراتها، كما حدث في مدريد.
4. تكييف قواعد القانون الدولي بما يخدم مصلحتها: مثل تبرير إسرائيل مواقفها الرافضة لقرارات الشرعية الدولية ولتطبيقها بحجة الإدعاء بالدفاع عن النفس رغم عدم صحته. فإسرائيل لم تتعرض إلى خطر يهدد وجودها، وردود فعلها لا تستقيم مع ما تدعيه من تهديد. ومن الإدعاءات الأخرى، زعمها بغياب الربط بين التسوية وقرارات الشرعية، وهو إدعاء غير دقيق وإن ساعدها للأسف في ذلك بعض سلوك العرب والفلسطينيين إبان مسيرة التسوية.

في كل الأحوال، ستحرص إسرائيل، ما دام الصراع مستمراً، على أحد أمرين أو على كليهما معاً لكل ما ذكر سالفاً من أسباب: الاول، أن يجري وسم كفاح الفلسطينيين التحرري بالإرهاب وبأنه ضد الإنسانية ومواثيقها وأعرافها، والأمر الثاني، أن تسحبهم دائماً بعيداً عن حلبة الساحة الدولية لتستفرد بهم ولتفرض عليهم مرجعياتها ورؤاها. فالشرعية الدولية في نهاية المطاف سلاح يمكن أن تستخدمه إسرائيل بالطريقة التي تساعدها على تحقيق أهدافها كلما سنحت لها الفرصة لذلك. ولكن الحقيقة التي لا مراء فيها، وتعرفها إسرائيل جيداً، أن سلاح الشرعية الدولية في أيدي الفلسطينيين أشد مضاءً وأكبر أثرا.

Author

القدس

الكيان الاسرائيلي

فلسطين المحتلة

لبنان

مجلس الأمن الدولي


اكتب تعليقك الخاص عنون البريد الألكتروني ورقم الهاتف لن يظهر في التعليق

نام

ایمیل

دیدگاه


برای گزاشتن تصویر خودتان به سایت Gravatar مراجعه کنید.