طالبان ما بين اغلاق مكتب الدوحة وحكومة كرزاي وامريكا

13 يوليو 2013

لم تبدأ المحادثات في الدوحة بطريقة جيدة. وفي الحقيقة، فإن طالبان لم تستخدم فعليا مكتبها منذ أن تم افتتاحه في يونيو/حزيران.

ومنذ البداية، أعرب الرئيس الأفغاني حامد كرزاي عن غضبه إزاء افتتاح طالبان لذلك المكتب الذي يتمتع بقدر كبير من الفخامة والبهاء.

وطالب كرزاي بإغلاق المكتب، كما قام بتأجيل زيارة كان من المقرر أن يقوم بها أعضاء من المجلس الأعلى للسلام الأفغاني للقاء ممثلين عن الحركة هناك.

كما قال الرئيس إن هناك مؤامرة لتقسيم أفغانستان وتقويض سلطته حتى يتم تقديم طالبان كحكومة بديلة.

وإلى جانب موقف كرزاي، انتقدت الولايات المتحدة أيضا افتتاح مكتب طالبان بهذه الطريقة الاستعراضية، وطالبت قطر بأن تزيل علم الحركة من فوق بناية المقر.

وعلاوة على ذلك، طالب الطرفان أيضا بإزالة اللافتة التي تحمل نقش الإمارة الإسلامية في أفغانستان، والذي كانت طالبان تستخدمه في فترة توليها للسلطة في تسعينيات القرن الماضي.

وخلال يومين من افتتاح المقر، قامت السلطات القطرية فعليا بإزالة اللافتة والعلم، وهو الأمر الذي جعل طالبان تشعر بأنها وقعت ضحية للكذب وعدم الاحترام.

ولم يدخل ممثلو الحركة ذلك المبنى منذ إزالة اللافتة والعلم، لتصبح هذه القضية قضية كرامة لكل الأطراف التي تنتظر الآن لتستمع إلى بعضها البعض.

وتنتظر الولايات المتحدة والحكومة الأفغانية لترى إذا ما كانت طالبان ستمضي قدما في المحادثات تحت شروط جديدة.

كما أن طالبان تنتظر لترى إذا ما كانت الولايات المتحدة والحكومة الأفغانية ستكون لديهما النية للقاء ممثلي الحركة بناء على شروطهم، فهم يريدون أن ترفع اللافتة والعلم على بناية مكتبهم.

ومن الضروري الآن أن تكون هناك آلية لحفظ ماء الوجه لتكون مقبولة من جميع الأطراف.

وقد يتمثل أحد الحلول في أن تعرض طالبان لافتتها وعلمها بطريقة أقل ظهورا، كأن تكون داخل البناية نفسها، وهو ما سيبدد أي شعور بأن البناية هي بناية ترتبط بإحدى السفارات.

وتصر الحكومة الأفغانية على ألا يجري استخدام ذلك المكتب إلا في محادثات السلام المؤقتة، وألا يصبح ذلك المكان هو ملتقى طالبان لتقديم أنفسهم من هناك كبديل عن الحكومة الأفغانية أو كحكومة في الشتات.

كما تصر أيضا على أن تجرى المحادثات وجها لوجه بين المجلس الأعلى للسلام وبين “ممثلين مفوضين من حركة طالبان”.

وترى الحكومة أيضا أنه وبعد حدوث اتصال أولي بين الطرفين، يجب أن ينتقل ذلك المقر إلى داخل الأراضي الأفغانية لتقام الدورة الثانية والثالثة من تلك المباحثات في أفغانستان.

وفي الوقت نفسه، فإن ثمة جدل داخلي ما بين أفراد الحركة حول طريقتها في محادثات السلام.

حيث تضم الحركة بين صفوفها -وخاصة صفوف قيادييها الميدانيين المتشددين- من يناهضون الفكرة برمتها، ويرون أن لهم اليد العليا في ساحة المعركة، وأن قوات حلف شمال الأطلسي “النيتو” ستغادر البلاد على أية حال.

أما بالنسبة للعديد من مقاتلي طالبان، فإن المحفز الأكبر لهم على القتال يتمثل في وجود قوات أجنبية في أفغانستان.

اعتراف أمريكي

وكانت طالبان قد افتتحت مقرها ذلك في العاصمة القطرية الدوحة حتى تقول للعالم إنها ليست مجرد حفنة من المتمردين، بل إنها تمثل قوة سياسية تدرك التعقيدات الدبلوماسية التي تواجهها. كما أن المتمردين يسعون لرفع تمثيلهم الدولي.

إلا أنه وفي البداية، يسعى أولئك المتمردون أيضا للحصول على ثلاثة أمور من شأنها أن تهدئ من غضب أفراد طالبان ممن ليسوا سعداء بفكرة محادثات السلام هذه.

وتتمثل تلك الأمور الثلاثة في تبادل عدد من أسرى طالبان المحتجزين في معتقل غوانتانامو مع بو بيرغدال، ذلك الجندي الأمريكي المأسور لدى طالبان منذ يونيو/حزيران عام 2010، إلى جانب رفع طالبان من القوائم السوداء لدى الولايات المتحدة والأمم المتحدة، إضافة إلى صدور اعتراف من الولايات المتحدة بأن طالبان لها وجود وتمثل قوة سياسية وعسكرية على الأرض.

ومنذ البداية وطالبان تقول إنها ترغب في إجراء محادثات مع الولايات المتحدة، باعتبارها أن هذه الأخيرة هي الطرف الرئيسي في ذلك الصراع.

كما تقول الحركة أيضا إنها مستعدة للمحادثات مع كل الأفغان، بما فيهم الحكومة الحالية ومجلسها الأعلى للسلام، ولكنها ترى أن ذلك لا يمثل أهمية كبيرة في الوقت الحالي، باعتباره شأنا داخليا أفغانيا يمكن النظر فيه في “الوقت المناسب”.

وخلاصة القول أن محادثات الدوحة كانت تواجه عقبات من الشك المتبادل ونظريات المؤامرة.

لذا، وبينما يعتقد الرئيس الأفغاني، حامد كرزاي، أن مكتب طالبان في قطر قام بتقديم مسلحي طالبان على أنهم بديل للحكومة في كابول، يرى أفراد الحركة أن الحكومة الأفغانية والولايات المتحدة ليستا جادتين بشأن محادثات السلام، وتسعيان لإحداث تقسيمات داخل الحركة من شأنها أن تضعفها.

وأدى فشل محادثات الدوحة لأن يوقف كرزاي المحادثات مع الإدارة الأمريكية بشأن اتفاقية أمنية ثنائية، قد يبقى بموجبها بضع آلاف من الجنود الأمريكيين متمركزين فيما يصل إلى تسع مواقع مختلفة في أفغانستان بعد انسحاب قوات النيتو منها في عام 2014.

إلا أن واشنطن قد حذرت من ألا يكون أمامها سوى انسحاب كامل قواتها بنهاية العام المقبل إذا لم يتم التوقيع على تلك الاتفاقية.

لذا، فإن ذلك الجدل القائم حول مكتب طالبان في الدوحة قد زاد من تعقيد

كما أن الاتهامات المتبادلة قد زادت من حالة الفجوة وعدم الثقة بين هذه الأطراف الثلاثة.

ورغم ذلك فمن المنتظر على المدى الطويل أن تستأنف عملية المفاوضات عند مرحلة معينة، بما أن الأطراف لا زالت تسعى للحوار، إلا أن ذلك سيستغرق وقتا.

كما أنه من الممكن أيضا لمكتب طالبان ألا تتم إعادة فتحه مرة أخرى في قطر، لينتقل إلى دولة أخرى، حيث إن المملكة العربية السعودية تعتبر نقطة التقاء مفضلة لدى الحكومة الأفغانية.

والآن، يدرك الجميع أن الوقت آخذ في النفاد في أفغانستان، فمن المنتظر أن تنسحب قوات حلف النيتو من هناك، كما أن فترة ولاية كرزاي تنتهي بإجراء انتخابات إبريل/نيسان عام 2014، ومن المتوقع أيضا أن تنخفض المساعدات الاقتصادية الخارجية.

ويبقى التحدي الآن متمثلا في كيفية الموازنة بين الصبر الاستراتيجي الضروري في مثل عمليات السلام المعقدة تلك وبين الحقائق على الأرض في أفغانستان والمنطقة حولها.

Author

اغلاق

افغانستان

المفاوضات

امريكا

حكومة

طالبان

قطر

كرزاي


اكتب تعليقك الخاص عنون البريد الألكتروني ورقم الهاتف لن يظهر في التعليق

نام

ایمیل

دیدگاه


برای گزاشتن تصویر خودتان به سایت Gravatar مراجعه کنید.