شيعة أفغانستان بين مطرقة التمييز وسندان التكفير

24 يوليو 2016

رغم ان شيعة افغانستان يمثلون 35 بالمائة من الشعب الافغاني ، ورغم صفحتهم الوطنية البيضاء ، ورغم احترامهم للاخر الذي يعيش معهم في الوطن ، ورغم طبيعتهم المسالمة ، الا انهم تعرضوا ومازالوا لمختلف صنوف الظلم والاضطهاد والتمييز من قبل الحكومات المتعاقبة والجماعات التكفيرية بدء من القاعدة ومرورا بطالب وانتهاء ب”داعش”.

13

حتى نسبة الشيعة في افغانستان ، تتعرض للظلم ايضا من قبل السلطات والحكومات المتوالية ، فهي حاولت وتحاول التقليل من هذه النسبة ، واظهار الشيعة على انهم لا يتجاوزون ال20 بالمائة ، فيما الجهات المحسوبة على الجماعات التكفيرية فتخفض هذه النسبة الى 10 بالمائة ، رغم الانتشار الواسع للشيعة في مناطق وسط وشمال افغانستان وفي العاصمة كابول.

شيعة افغانستان ، الذي يشكل إتنية ”الهزاره” الطيف الأكبر منهم، هم ايضا من اكثر شيعة العالم اضطهادا وتمييزا على الاطلاق ، ولا يمكن مقارنة ما يتعرضون لهم من ظلم وقتل وتشريد ، حتى مع شيعة نيجيريا ، فشيعة افغانستان ، يتعرضون لظلم ممنهج لم ينقطع على مدى عقود طويلة ، دون ان تحرك المآسي التي يتعرضون لها مثل التفجيرات والاغتيالات والخطف وقطع الرؤوس،  خلال العهدين الطالباني (1996-2001)  ، و”الداعشي” ، لا ضمير السلطات الافغانية ولا الضمير الانساني.

المناطق التي يقطنها الشيعة في افغانستان مثل باميان ووردك ، تعتبر من اكثر مناطق افغانستان فقرا وحرمانا ، حيث تنعدم فيها ادنى مقومات الحياة في حدودها الدنيا، فلم تشهد مناطقهم اي مشروع تنموي منذ نحو عقدين من الزمن ، وهو ما اثار حفيظة الشيعة الذين اتهموا السلطات المتعاقبة بممارسة سياسة التمييز ضدهم وبشكل صارخ.

الاجراء الذي اتخذته السلطات الافغانية واثار ردود فعل واسعة بين شيعة افغانستان ، والذي كشف عن وجود ارادة سياسية للابقاء على مناطق الشيعة محرومة ومتخلفة ، تمثل بتغيير مسار مشروع خط نقل الكهرباء من تركمنستان الى افغانستان ، من باميان الى ممر سالانج ، رغم ان الكهرباء متوفرة في الاخيرة ومعدومة في الاولى.

هذا الاجراء التعسفي والظالم ، هو الذي دفع الشيعة لتنظيم احتجاجات واسعة في العاصمة كابول لاستعادة حقهم ، وزاد من اصرارهم على مواصلة الاحتجاجات ، التبريرات الاستفزازية للحكومة بشان اسباب تغيير مسار خط الكهرباء ، مثل تقليص الكلفة وتقليص الزمن.

آخر هذه الاحتجاجات التي نظمها الشيعة وشارك فيها مئات الالاف منهم ، هي تلك التي جرت يوم السبت 23 تموز / يوليو في العاصمة كابول حيث تجمع المتظاهرون فى ساحة مزار غرب العاصمة لبدء المسيرة الاحتجاجية ، التي شارك فيها النساء والاطفال والشباب وكبار السن ،  وتم التأكيد على المتظاهرين من قبل الجهات المنظمة للمسيرة ، بالمحافظة على نظافة الشوارع ، ولكن الى جانب الظلم والتمييز ، كان هناك خطر آخر يتربص بالمتظاهرين الامنيين ، وهو خطر التكفير ، الذي لبس هذه الايام في افغانستان كما في غيرها لبوس “داعش” ، حيث فجر تكفيريان ارهابيان نفسيهما وسط المتظاهرين المسالمين فاستشهد 61 شخصا واصيب 207 اخرين ، واصطبغت شوارع كابول ، التي حرص المتظاهرون على نظافتها ، بدمائهم ، وتناثرت عليها  اشلاءهم.

هؤلاء المتظاهرون المسالمون الذين تمزقت اشلاءهم وزهقت ارواحهم وبترت اطرافهم ، لم يطالبوا بالمستحيل ، بل طالبوا بحقهم الذي انكرته عليهم حكومتهم ، وهو حق التمتع كباقي البشر بنعمة الكهرباء ، فهل يستحق ذلك ان يأتي مئات الالاف من مختلف انحاء افغانستان ليجتمعوا في العاصمة ، والحكومة تعرف قبل غيرها انها اعجز من ان توفر الامن لمثل هذا العدد الكبير من المتظاهرين؟ ، يبدو ان هناك من في الحكومة قد لا يحزن كثيرا على الشيعة ، لانهم تلقوا ضربة قد تمنعهم من العودة الى التظاهر مرة اخرى ، بعد ان فشلت الحكومة بمنعهم.

لم تمر سوى ساعات قليلة وتبنت “داعش” التفجيرين الجبانين ، ترى اليس من حق الشيعة ان يشككوا بعد ذلك بنوايا السلطات ازاءهم ، وهم  يجدون انفسهم بين مطرقة التمييز وسندان التكفير؟، الم يكن من الافضل للحكومة ان تراجع سياستها ازاء الشيعة وان تكف اذى بعض المحسوبين عليها ، عن الشيعة ، كما بدا واضحا من القرار الخبيث في تغيير مسار خط الكهرباء ، وهو قرار كان من البديهي ان تستتبعه احتجاجات شعبية واسعة ، والتي ستكون بدورها هدفا سهلا لوحوش التكفير المنتشرة في افغانستان؟ ، فهل كُتب على الشيعة ان يكونوا ضحايا لسبب ما في كل بلد ، وفي افغانستان بسبب الكهرباء ؟، وهل يُعقل ان يُقتل ويُجرح اكثر من 300 انسان لمجرد انهم ارادوا ان تضيء مصابيح الكهرباء غرفهم المعتمة؟.

Author

أفغانستان

الهزارة الشيعة

كابول

هجوم كابول


اكتب تعليقك الخاص عنون البريد الألكتروني ورقم الهاتف لن يظهر في التعليق

نام

ایمیل

دیدگاه


برای گزاشتن تصویر خودتان به سایت Gravatar مراجعه کنید.