لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره عندما ألقي القبض عليه من دون مذكرة استدعاء أو اعتقال، في منتصف شباط العام 2012، حيث تمت عمليه القبض عبر صدمه بمدرعة الشرطة وهو على دراجته النارية، ما أدى إلى إصابته بكدمات وجروح متفرقة وكسر في أنفه، قبل اقتياده إلى مركز شرطة القطيف، ومن ثم إلى المستشفى لتلقي العلاج.
هكذا وصف محمد باقر النمر طريقة اعتقال السلطات السعودية لابنه علي قبل أكثر من ثلاثة أعوام، والذي قررت محكمة التمييز في آب الماضي الموافقة على قرار الإعدام الصادر عن المحكمة الابتدائية والذي أيدته محكمة الاستئناف.3
النمر الشاب، الذي اعتقل قبل أن يكمل دراسته الثانوية، وقبل أن يبلغ سن الرشد حسب القانون الدولي، وُجهت له تهمة المشاركة في عدد من المسيرات والتظاهرات والتجمعات المناوئة للدولة، وترديد بعض الهتافات (متأثراً بالخطب التي كان يلقيها عمه الموقوف) ـ في إشارة إلى عمه الشيخ نمر النمر ـ وقيامه بإشعال النار في الإطارات والحاويات ووضعها في طرق المارة بقصد الإخلال بالأمن، وقيامه باستهداف مركز شرطة العوامية عن طريق رمي الحجارة بالاشتراك مع أشخاص آخرين، وكذلك قيامه باستهداف إحدى الدوريات الأمنية بقنابل «المولوتوف» الحارقة والحجارة وإشعال النار بها، والاستيلاء على سلاح رشاش وسترة واقية من الرصاص من داخلها.
كما وُجهت له تهمة تصنيع وحيازة واستعمال قنابل «المولوتوف»، بقصد الإخلال بالأمن، والسطو على إحدى الصيدليات وإتلاف الرفوف والطاولات التي بداخلها، وسرقة ثلاث كاميرات مراقبة منها، وتسليمها إلى أحد الأشخاص بهدف استخدامها في مراقبة بعض الشوارع، والتستر على عدد من المطلوبين أمنياً أثناء مشاهدته لهم وهم يطلقون النار على رجال الأمن وعدم الإبلاغ عنهم، وقيامه بمراقبة مركز شرطة العوامية مدة شهر بهدف رصد الدوريات الأمنية حال دخولها وخروجها مستخدماً جهازاً لاسلكياً للحيلولة دون مداهمة منزل أحد المطلوبين أمنياً والقبض عليه.
كما اتهم بالتستر على أحد المطلوبين وعدم الإبلاغ عنه، والقيام بعملية استخراج الرصاص من أحد المصابين وشرحه كيفية الإسعافات الأولية لإنقاذ المصابين في التظاهرات والخارجين على «ولي الأمر»، وسعيه لإعاقة رجال الأمن عن القيام بمهامهم الأمنية من خلال اشتراكه مع آخرين في تجهيز أوعية زجاجية معبأة بالطلاء ورميها على زجاج سيارات الدوريات الأمنية لحجب رؤية الطريق أمام رجال الأمن، وقيامه بإنشاء «مجموعة» على جهاز «بلاكبيري»، تضم 900 شخص تحت اسم «الأحرار» بهدف التحريض على التظاهرات.
واعتبر المدعي العام هذه التهم «ضرباً من ضروب الحرابة والإفساد في الأرض، واستحلال للدماء المعصومة والأموال المحترمة، وهو بكامل أهليته المعتبرة شرعاً»، لذا طالب الحكم بإدانته شرعاً بما أسند إليه، والحكم عليه بحد الحرابة (الإعدام)، والحكم بموجب المادة الخامسة عشرة بحدها الأعلى من نظام المتفجرات والمفرقعات، والحكم بموجب المادة 34 بحدها الأعلى من نظام الأسلحة والذخائر، وكذلك الحكم عليه بموجب المادة السابعة بحدها الأعلى من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية.
وفي زيارة العائلة الأخيرة للشاب علي، الذي يقضي عامه الثالث وراء القضبان، ولم يتمكن من إكمال دراسته الثانوية، حاولت والدته إن تهيئه للخبر، فابتسم، وقال «أعلم ولست وجلاً». ونقل الوالد محمد باقر عن أخيه الشيخ نمر عندما علم بخبر الحكم على ابن أخيه أنه قال «لسنا ولست أفضل من الإمام الحسين يوم فقد كل من حوله».
وناشد محمد باقر النمر ملك السعودية سلمان عدم التوقيع على حكم القتل الظالم بحق ابنه. وقال «لم أكن أرغب أن يهبَّ أحد من الخارج بالحديث عن علي النمر ويتابع مع دولتنا، إنها أزمة في غنى عنها، ولا زلت أدعو لحلٍ محلي».
ورداً على التهم التي وُجهت لابنه من دون حضور أي من أهله أثناء جلسات الاستجواب، أو محام للدفاع عنه، قال النمر «بالنسبة لتهمة التستر على مطلوب أمني أصيب خلال المواجهات مع رجال الأمن وتوفير الإسعافات الأولية له، هل يعاقب على مهارة التمريض، وهو كذب، وهل يستدعي تشكيل مجموعة على جهاز بلاكبيري مكونة من 900 شخص لغرض التنسيق للتظاهرات حكم حد الحرابة. أما بالنسبة إلى تهمة تجهيز عبوات مولوتوف خلال مطاردة أمنية للشرطة لحجب رؤيتها، فهذا يتطلب مهارة المارينز والخضوع لدورات كوماندوس وليس شاباً لم يتجاوز السابعة عشرة من عمره».
وقال ساخراً «اتهم علي بإسهامه في منع رجال الأمن من القيام بعملهم عند مطاردة العناصر الإرهابية، كيف يعني؟ قاد مدرعة أو مفخخة أو سلاح ليزر؟». وأضاف «اعتُقل علي النمر بتهمة استهداف دورية أمنية وحرقها بالمولوتوف، فيما هناك دورية واحدة فقط احترقت مطلع 2012 في القطيف ووُجهت التهمة لأكثر من 40 سجيناً، وذلك كله حدث بعد اعتقاله».
العديد من المنظمات الحقوقية الدولية، وعلى رأسها «منظمة العفو الدولية»، وكذلك الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند وغيرهم حول العالم طالبوا السلطات السعودية بعدم تطبيق حكم الإعدام على النمر المتوقع تنفيذه في أي لحظة الآن.
يذكر أن علي النمر هو الابن الثالث لمحمد باقر النمر، والثاني من ثلاثة صبيان، وهو ابن أخ رجل الدين الشيعي الشيخ نمر النمر الذي اعتُقل في منتصف العام ذاته، وهو أيضاً محكوم بالإعدام لخُطَب ألقاها اتهم فيها العائلة الحاكمة في السعودية والبحرين بالفساد والكفر، وتأجيج الصراع الطائفي، وأعلن مواقف واضحة ضد العائلتين والحكومتين في البلدين.