السعودية تقود العرب إلى المجهول

17 يناير 2016

 

بقلم الكاتب: علي أمين

السعودية تؤكد على ضرورة الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد.. السعودية تطالب مصر بدعمها للإطاحة بالأسد.. السعودية تضرب اليمن عسكريا.. السعودية تدعو الدول العربية ومصر للدخول في تحالف عسكري لدخول اليمن.. السعودية تصطدم بإيران.. السعودية تدعو الدول العربية “السنية”، للوقوف بجانبها في وجه إيران محذرة من الخطر “الشيعي”.. وخلاصة القول أن المملكة تقود المنطقة بسياساتها المتخبطة إلى صراعات لا طائل منها سوى الخراب والدمار والفوضى التي طالت مختلف بلدان المنطقة.

12

وتسعى السعودية بالتعاون مع تركيا وإسرائيل لتكوين تحالف ثلاثي لمواجهة ما تسميه بالخطر الإيراني في المنطقة، وهو ما كشفته تقارير استخباراتية دولية منذ عدة أشهر، حيث تحدثت عن أن هذا الأمر لا يدار في الخفاء في إسرائيل كما هو في المملكة أو تركيا، وأن مختلف قادة إسرائيل يعلمون ذلك، حتى أن إسرائيل اتفقت مع الرياض منذ وقت ليس بالقليل، على ضرورة نزع السلاح من حركة حماس في غزة، وفي هذا الإطار عقدت عدة لقاءات سرية بين مسئولين في وزارتي الدفاع السعودية والإسرائيلية، بحضور عدد من رجال المخابرات، وهو ما يمكن دمجه مع التواصل التركي العلني والمباشر مع تل أبيب، لندرك حقيقة الاتجاه الذي تريد المملكة أن تقودنا إليه، من أجل الوقوف في وجه إيران تريد وضع يد العرب في يد الصهاينة.

وإذا ما فكرنا في حقيقة ذلك التحالف وخطره على مصر وعلى الأمة كلها، سنجد أن تركيا منذ القدم وهي في حالة تربص بمصر وعداء يكون صريح أحيانًا ومتواري في أحيان أخرى، وهي الآن في عداء شديد مع النظام المصري الحالي، وتدبر له المكائد بكل قدراتها، كما أن مصر في حالة عداء شديد مع الكيان الصهيوني، بالرغم من التوتر الحادث في العلاقة بين مصر وحركة حماس بسبب علاقتها بجماعة الإخوان التي تدرجها مصر تحت قوائم الجماعات الإرهابية، الأمر الذي يؤكد أن هذا التحالف سيكون ضد مصالح مصر في المنطقة، بما أن ضلعين أساسيين فيه يضمرون ويعلنون عداءهم لمصر.

كما أن الفكر الوهابي الذي بنيت عليه المملكة منذ نشأتها يتعارض مع الوسطية الدينية التي تتمتع بها مصر، حتى أن أحد الأصدقاء السعوديين عندما زار مصر تساءل بكل دهشة كيف تسمحون بوجود الكنائس في وجه المساجد في شوارع القاهرة، وعلامات الضجر تملأ محياه، فقد تربى على الوهابية بفكرها المتطرف، الذي يعادي كل ما هو وسطي، حتى المختلفين معه من أهل السنة لا يسلمون من تكفيره لهم، وقد كان هذا الفكر بمثابة وباء اجتاح الأمة الإسلامية منذ أن أسسه محمد ابن عبد الوهاب، والذي سقط بسببه آلاف القتلى من المسلمين في مختلف ربوع الحجاز، والتي سماها آل سعود بعد ذلك باسم والدهم المؤسس الأول للدولة.

وتحاول السعودية التلاعب بعقول أهل السنة والجماعة في مصر وباقي الدول العربية، بأن تصور لهم أن الخلاف مع إيران مقدم على الخلاف مع الكيان الصهيوني، والذي يمثل الخطر الأكبر على الأمة الإسلامية والعربية من مشرقها إلى مغربها، حتى الدولة الإسلامية الإيرانية في نفس الخندق معنا في عداء الكيان الصهيوني، والذي بذل كل ما بوسعه من أجل وصول الخلافات في الأمة إلى ما هي عليه الآن، فبدلا من تحقيق التقارب بين دول المنطقة ذات العلاقات التاريخية، تبحث الدولة الوهابية عن العداء الذي يشعل المنطقة.

ولا يمكن أن ننسى ما تقوم به المملكة من خطوات أدت لاشتعال الحروب في العراق وسوريا واليمن، بشكل مباشر بدعوى مواجهة المد الشيعي، رغم أن سوريا والعراق لم تعرف عبر تاريخها أي خلافات بين السنة والشيعة، بل كانوا وحدة واحدة متفقين في كل شيء، وربما كانت بينهم خلافات سياسية وليست طائفية أو عقائدية، كما لا ننسى تعطيل السعودية لانتخاب رئيس جديد للبنان، وفق تأكيدات وإجماع المحللين السياسيين المتابعين للشأن اللبناني، بالإضافة إلى دورها فيما تعرضت له ليبيا من فوضى مدمرة للانتقام من الزعيم الراحل معمر القذافي، الذي ندم الليبيون على مقتله بعدما دخلت بلادهم في الفوضى المدمرة.

السعودية تخوض معركة على أكثر من محور في مواجهة أنظمة متعددة، والتحالف معها في ذلك الوقت يعني المشاركة في هذه الجبهة “المتخبطة”، وهذا يعني أن كل من يقوم بخطوة كهذه سيعرض بلاده وشعبه للخطر في معركة لا ناقة له ولا جمل فيها من الأساس، كما أن أي مشارك في ذلك التحالف لا يمكن أن يحصل على الثمن من الرياض كما يظن البعض، بعدما دخلت السعودية في أزمة اقتصادية بدأت تطال الشعب السعودي نفسه، جراء دخولها في عدة معارك عسكرية في وقت واحد.

Author

السعودية

العرب


اكتب تعليقك الخاص عنون البريد الألكتروني ورقم الهاتف لن يظهر في التعليق

نام

ایمیل

دیدگاه


برای گزاشتن تصویر خودتان به سایت Gravatar مراجعه کنید.