العربیه

مصالح امريكا في افغاستان “عسكري سياسي اقتصادي”

مصالح امريكا في افغاستان “عسكري سياسي اقتصادي”

تقرير وكالة أنباء الشرق الأوسط افغانستان

يثير إعلان قوات المشاة الأميركيّة والقوات البريطانيّة، إنهاء مهماتها القتاليّة في أفغانستان، نهاية الشهر الماضي استعداداً للانسحاب التدرجي، التساؤلات حول مدى قرب انتهاء الدور الأميركي والدولي عموماً، في أفغانستان.

 وكانت قوات الطرفين سلّمت قاعدتين مهمتين، في ولاية هلمند، جنوب أفغانستان، إلى الجيش الأفغاني، ما يعني ظاهرياً أن دور القوات الأميركيّة والدوليّة بات محصوراً بدعم الجيش الأفغاني وتطوير مهاراته، خلال الفترة المقبلة، والتي من المقرر أن ينسحب فيها معظم تلك القوات حتى نهاية العام الحالي، ليبقى جزء منها بموجب الاتفاقيات الأمنيّة بين واشنطن وكابول من جهة، وبين الأخيرة وحلف شمال الأطلسي من جهة أخرى.

وعلى رغم أنّ القوات الدوليّة أعلنت إنهاء مهمتها القتالية في أفغانستان، وسلّمت معظم قواعدها إلى الجيش الأفغاني، فإنها ستبقي على وجودها حتى نهاية العام الحالي، في معظم مناطق البلاد، خصوصاً الحسّاسة منها، والتي تُعد مواقع نفوذ لحركة “طالبان”، كمدينة قندهار وننكرهار وكنر في، والولايات الجنوبية الثلاثة خوست وبكتيا وبكتيكا، على أن يبقى بعد انسحابها جزء منها داخل سبع قواعد رئيسية.

وينتشر في أفغانستان حالياً نحو 40 ألف جندي للقوات الدوليّة، منهم 34 ألف أميركي، بينما ينتمي الباقون إلى حلف شمال الأطلسي، فيما أعلن بعض أعضاء الحلف إنهاء مهمتهم القتاليّة مبكراً، وانسحبوا من أفغانستان كفرنسا وكندا. 

ولكن رغم إعلانها إنهاء مهمّتها القتاليّة، لا تزال القوات الدوليّة تجري عمليّات ومداهمات ليليّة، خصوصاً جنوب البلاد، كما تفيد بعض التقارير، ولكنّ في معظم الأحيان برفقة الجيش الأفغاني.

ووفقاً للاتفاقيّة الأمنيّة بين واشنطن وكابول، وبين الأخيرة والحلف الأطلسي، ستنسحب معظم هذه القوات حتى نهاية العام الحالي، ومن المقرّر مع حلول عام 2015 بقاء 12 ألف جندي، بينهم 9800 أميركي و2200 من جنود الحلف، على أن تنحصر مهمّتهم في مساعدة القوات الأفغانيّة على مواجهة الجماعات المسلّحة، وتدريب الجيش الأفغاني، وتطوير مهاراته القتاليّة.

وستتمركز القوات المتبقية في سبع قواعد رئيسة في أفغانستان، هي قاعدة باغرام، وكابول، وجلال أباد، وقندهار، ومزار، وهرات وقاعدة مطار شيندند، التابعة لولاية هرات في جنوب غربي البلاد.

واللافت أنّ الولايات المتحدة اختارت أماكن استراتيجيّة وحسّاسة لقواعدها المتبقية في أفغانستان، بعد انسحاب معظم قواتها نهاية العام الحالي.

 فمدينتا جلال آباد وقندهار تقعان على الحدود الباكستانيّة الأفغانيّة، وتقع مدينة هرات ومطار شيندند على الحدود الإيرانيّة الأفغانيّة، بينما تقع مدينة مزار على الحدود بين أفغانستان وطاجكستان.

ويوحي ذلك بأنّ بقاء القوات الأميركيّة والدوليّة في أفغانستان لا يهدف للحفاظ على مصالحها داخل أفغانستان فحسب، بل في المنطقة برمّتها.

لا شكّ أنّ للولايات المتحدة الأميركيّة مصالح استراتيجيّة واقتصاديّة وأمنيّة في المنطقة. ففي حين لا تريد للمنطقة عموماً وأفغانستان خصوصاً، أن تكون مصدر تهديد لأمنها القومي بعد عودة حركة “طالبان” إلى الساحة، فهي تتّبع سياسات طويلة الأمد إزاء الدول الأخرى في المنطقة، كالصين وإيران وباكستان.

 وقد قدّمت في هذا السبيل، نفقات ماليّة ضخمة، إضافة إلى خسائر بشريّة باهظة في صفوف قواتها وقوات حلفائها، في أكبر حرب خاضتها في أفغانستان.

ومع إنهاء المهمّة القتاليّة في أفغانستان، من المفترض أن ينحصر دور القوات الأميركيّة والدوليّة في تدريب القوات المسلّحة الأفغانيّة، ومساعدتها في مواجهة الجماعات المسلّحة، وعلى رأسها حركة “طالبان” أفغانستان، خصوصاً في مجال سلاح الجو ولا يمتلك الجيش الأفغاني حتى الآن، سلاحاً جوياً، وهذا الأمر يشكل أبرز شكاوى الأفغان من القوات الأميركيّة والدوليّة، التي لم تساعد طيلة فترة وجودها في أفغانستان، الجيش الأفغاني على إنشاء سلاح جو.

وبالتالي، سيبقى الجيش الأفغاني معتمداً تماماً على سلاح الجو الأميركي في الفترة المتبقية.

ويرى بعض الأفغان، الذين يدعمون وجود القوات الأميركيّة في أفغانستان، أنّ الجيش الأفغاني، الذي ينحصر في قطاعات بريّة، لا يزال بحاجة إلى مزيد من التدريب والتطوير في مجالات مختلفة، كما أنه في أمسّ الحاجة إلى تأسيس قطاعات جويّة فاعلة، وكل هذا لا يمكن من دون الدعم الدولي، وخصوصاً دعم الولايات المتحدة.

ويعتبر المعارضون للوجود الأميركي، أنّ وجود القوات الأميركيّة والدوليّة في أفغانستان، ولو بعدد يسير، هو المبرر والسبب الرئيس لاستمرار دوامة الحرب، كما أنه يقضي على نجاح أي عمل سلمي للقضاء على الأزمة الأمنيّة في البلاد.

وفي وقت انسحب فيه أكثر من نصف القوات الدوليّة والأميركيّة من أفغانستان حتى الآن، وما بقي منها سينسحب بالتدرج حتى نهاية العام الحالي ولن يبقى إلا عدد يسير بمقتضى الاتفاقيّات الأمنيّة، يُعتبر سلاح الجو السلاح الوحيد الذي ستستخدمه الولايات المتحدة في الفترة المقبلة لمواجهة الجماعات المسلّحة في المنطقة.

وبحسب بعض التقارير، فإنّ الولايات المتحدة غيّرت استراتيجيتها فعلاً في التعامل مع المسلّحين منذ أغسطس/آب الماضي، إذ نفّذت في ذلك الشهر 436 غارة في مختلف مناطق أفغانستان، بينما كان عدد الغارات لا يتجاوز قبل ذلك 150 غارة شهرياً، ما يعني أنّه في الفترة المقبلة ستعتمد القوات الأميركيّة المتبقيّة في أفغانستان كلياً على سلاح الجو في سبيل مجابهة “طالبان.

ويأتي إعلان القوات الأميركيّة والدوليّة إنهاء مهمتها القتالية في أفغانستان، بعد أطول حرب دامت 13 عاماً في البلاد، تكبّدت خلالها خسائر بشريّة وماديّة فادحة. وتشير بعض الإحصاءات إلى أنّ مجموع عدد القتلى في صفوف القوات الدوليّة، خلال 13 عاماً، هو 3477، بينهم 2350 أميركياً، و453 بريطانياً.

 وقٌتل العدد الأكبر منهم في إقليم هلمند، جنوب البلاد، الذي تركته القوات الدوليّة في السادس والعشرين ممن الشهر الماضي، إذ قُتل 953 جندياً من القوات الدوليّة في الولاية، على مدى 13 عاماً، يليه ولاية قندهار الذي قُتل فيه 553 جندياً من القوات الدوليّة.

 كما تشير الإحصاءات إلى أنّ معظم البريطانيين قُتلوا في ولاية هلمند.

 

Author

Exit mobile version