العربیه

ماذا تفعل إسرائيل في القوقاز؟

ماذا تفعل إسرائيل في القوقاز ؟

عن ماذا تبحث إسرائيل في القوقاز؟ يستند التقليد السياسي اليهودي في المقام الأول على المدرسة الواقعية في توجهاته الفکریة، وقد تستمد اسرائيل مبادئها الأساسية الثلاثة للسياسة الخارجية من هذه المدرسة وهي: التركيز على استمرار البقاء بين الدول المجاورة المتخاصمة مع بعضها، البحث عن القدرة، وإنشاء التحالفات.

یعد مبدأ «التحالف المحيطي» إحدی هذه التقاليد التي تحدث عنها «دایفید بن غوریون» في 1950م ، وهي استراتيجية دعت إسرائيل لتطوير تحالفات استراتيجية وثيقة مع الدول الإسلامية غير العربية في غرب آسيا وكان التوجه بهذه السیاسة بصورة رئيسية نحو تركيا، وإيران ما قبل الثورة.

ولكن، من وجهة نظر اسرائیل، تغيرت الظروف حیث تحولت أنقرة خلال السنوات الماضیة إلی حكومة غير صدیقة کما وأصبحت طهران تهديدا مشؤوما لها.

هذا واصبح صعود داعش وازدیاد التوجهات الإسلامیة فی المنطقة تحدیان لإسرائیل، مما جعلا عقيدة «التحالف المحيطي» التي يبدو أنه تم التخلي عنها، مرة أخرى على جدول أعمال إسرائيل ولكن هذه المرة، منطقة القوقاز هي التي أصبحت الهدف الأساسي لها باعتبار الأخیرة تعد ذراعا جیولوجیا لها في غرب آسیا.

زاد تدخل تل أبيب في القوقاز منذ أواخر عام 2000م، عندما أنشأت الخارجية الإسرائیلیة إدارات خاصة بالقوقاز وآسيا الوسطى ضمن ترکیبها الداخلي، وقد مرت سياسة اسرائیل بمرحلتين رئیسیتین خلال فترة قصيرة من التركيز علی المزيد من الموارد في المنطقة.

فترکزت سیاسة اسرائیل في المرحلة الأولی وذلک قبل عام 2008، على جورجيا حیث قامت إسرائيل بتدريب الجيش الجورجي وسمحت لشرکات القطاع الخاص العسکری الإسرائيلي أن تقوم بتزوید الجيش الجورجي بطائرات بدون طيار والمعدات المتطورة العسکریة.

أما المرحلة الثانیة کانت بعد حرب أوسيتيا الجنوبية في عام 2008، حیث خفضت اسرائیل من وجودها في جورجيا وذلک لتجنب إثارة عداء موسكو مما دفعها للتوجه نحو أذربیجان وذلک للتعويض عن تخفيض وجودها في جورجيا.

في المرحلة الثانية من تدخل إسرائيل في منطقة القوقاز(أذربیجان)، بلغت التجارة بين البلدين إلى أربعة مليارات دولار کما وخططت اسرائیل لإستیراد میلیارا من المتر المکعب للغاز خلال السنوات العشرالمقبلة بالإضافة إلى شراء النفط من أذربيجان.

والأهم من ذلك، ما صرحه الرئيس السابق الإسرائيلي، شمعون بيريز عن ایران حیث قال:«أذربيجان هو المفتاح لمواجهة نفوذ إيران في الشرق الأوسط الكبير».

ومن جانب أخرهناک أربعة قضایا عالقة بین ایران و أذربیجان وهي: النظام القانوني لبحر قزوين، وقضية نزاع قره باغ الجبلية وموقف إيران المؤيد للأرمن (وفقا للأذريين)، وقضية أذربيجان الإيرانية(المزعومة) ووجود عشرين مليون مواطن أذربيجاني في إيران، وبالأخیر العامل الدیني.

تتهم باکو إيران بإثارة المشاعر المتطرفة في أذربيجان، بینما هي دولة علمانية مع ما أنها ذات غالبية شيعية. مما تعطي هذه الظروف دورا محوريا لإسرائیل في أذربيجان من أجل تحقیق استراتيجيتها لمحاصرة الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

ولذلک رغم وجود عدد من المعوقات لها کتركيا ومعاداة السامية وعلاقات أذربيجان مع الفلسطينيين، ألا وإن إنشاء تحالفا محیطیا مع أذربیجان جزءا لا يتجزأ من الخطط الاستراتيجية للتل أبيب لتشكيل تحالفات ضد إيران.

من ناحية أخرى، إسرائيل لازالت متعهدة بحمایة ودعم الشعب اليهودي في العالم وقد استمرت بهذه السیاسة التقلیدیة بجدية في منطقة القوقاز. فوفقا للإحصاءات الرسمية في عام 2012، یعیش 3540 يهوديا في جورجيا؛ مع ما إن الأرقام غير الرسمية تشير إلى أن عدد الیهود الساکنین في جمهورية أذربيجان یتراوح بین ثمانیة ألف وإثنا عشر ألفا.

کما وأن هناک، لا سيما في جورجيا، تقلد الکثیر من المواطنين اليهود مناصب رئيسية في القطاعات الحكومية والتجارية وهذا ما یوفر فرصة أفضل لتکثیف المشاركة السياسية والاقتصادية لإسرائيل في المنطقة عبر الیهود الساکنین فیها.

فیمکن القول بأن المصالح الإسرائیلیة في القوقاز لها ثلاثة أبعاد رئيسية وهي: استراتيجيا تعد أداة لمحاصرة إيران، وعلی المدی المتوسط تعد منطقة لتوفير احتياجاتها من الطاقة، وعلى المدى القصير تعد سوقا لبيع الأسلحة والذخائر المتطورة وهذه الأبعاد الثلاثة، قد تتعارض مع مصالح الدول التقلیدیة الثلاث في المنطقة وهي روسيا وتركيا وإيران، وتعد تحدیا لهم مما تجعل الوجود الإسرائیلي بالقوقاز غیر مرحبا به أساسا.

Author

Exit mobile version