العربیه

لانريد منكم خيراً.. أكفونا شركم!

لم يكد يمر فترة على توقيع الحكومة الأفغانية إتفاقية سلام مع الحزب الإسلامي بقيادة قلب الدين حكمتيار حتى وجهت الرياض دعوة لوفداً حكومي أفغاني رفيع المستوى لزيارة المملكة العربية السعودية؛ وما يزيد الغموض حول هذه الزيارة كيف أن الأمير محمد بن نايف ولي العهد ووزير الداخلية تنازل من عليائه وإستقبل الوفد الأفغاني في المطار شخصياً.

إن القاصي والداني يعلم بأن السعودية هي أحد الداعمين والمؤسسين لحركة طالبان وسعت منذ نشأة الحركة إلى إغداق الأموال الطائلة من أجل دعمها وتقويتها؛ وآل سعود إلى جانب الإمارات وباكستان كانوا الثلاثي الوحيد حول الكرة الأرضية الذين إعترفوا رسمياً بحكومة طالبان وربطتهم علاقة دبلوماسية مع مسؤوليها. وفي نفس الوقت، إستغلت هذه الدولة الخليجية الغنية أموال النفط في سبيل تجهيز العديد من المجموعات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم القاعدة وداعش اللتان مارسا نشاط واسع إلى جانب طالبان في الجغرافيا الأفغانية من خلال أعمال العنف المسلح الذي مارسوها هنا.

لقد لعب أمراء آل سعود /بشكل إرادي أو غير إرادي أو حتى بدليل حالة العداء مع عدداً من البلدان المجاورة/ دور كبير في دعم المجموعات الإرهابية والمتشددين في أفغانستان، هذا ناهيك عن الإتهامات بإرتكابها جرائم حرب في بلدان مثل اليمن وسوريا فضلاً عن سجلها الظلامي في قمع الحريات وحقوق الأطفال وقتل الأبرياء العزل والشاهد الأبرز على هذه الجنايات القصف الهمجي على مجلس عزاء في العاصمة اليمنية صنعاء أدت إستشهاد وإصابة أكثر من 700 يمني.

على أن المملكة العربية السعودية تربطها علاقات إستراتيجية مع باكستان كما أنها تملك علاقات متينة مع الحزب الإسلامي، في الحقيقة تسعى الرياض التودد من المسؤولين في كابول من اجل تهيئة الأرضية أمام الحزب الإسلامي بزعامة قلب الدين حكمتيار للإضطلاع بلعب دور أكبر في النظام والإحتفاظ بدور مؤثر للباكستانيين ، الأمر الذي إنخفض وهجه في الآونة الأخيرة.

من ناحية أخرى، تسري شائعات تفيد بأن إسلام آباد إستغلت علاقاتها الوطيدة مع الرياض وطلبت من السعوديين /الأغنياء/ التغلغل في أفغانستان للحيلولة دون تطوير علاقاتها مع الهند أكثر فأكثر من اجل تحقيق الهدف الباكستاني المنشود والذي يتلخص في إبقاء أفغانستان منعدم الأمن والإستقرار. كما أن الرياض مع مالها من حظوة ونفوذ لدى مسلحي طالبان وباق المجموعات الإرهابية المتواجدة على الساحة الأفغانية الضغط عليهم لتحقيق مصالح نظام آل سعود في المنطقة عبر البوابة الأفغانية.

في هذا الإطار؛ إنبرت المملكة العربية السعودية مؤخراً بعد أيام من توقيع إتفاقية السلام بين حكومة كابول وزعيم الحرب حكمتيار وبالإعتماد على العائدات النفطية الضخمة شمرت عن ساعديها بمحاولة لإحلال السلام في أفغانستان، ولهذا الغرض توجه وفد حكومي يضم الحاكم بالوكالة على إحدى الولايات الذي طالبته الحكومة عدة مرات بالإستقالة إلى الرياض وإستقبل بحفاوة خارجة عن المألوف من قبل الملك وولي والعهد وولي ولي العهد.

درجت العادة أن يذهب ولي العهد إلى أمام بوابة الطائرة في المطار لإستقبال قادة البلدان الكبيرة فقط، لكن إستقبال الوفد الأفغاني والبرامج والمراسم الباذخة يثير الكثير من التساؤلات فيما إذا كانت السعودية لديها سيناريو جديد إلى أفغانستان. فالملك وولي عهده في اللقاءات المنفصلة مع عبدالله عبدالله رئيس الجهاز التنفيذي في أفغانستان ورئيس الوفد شددا أكثر من السابق على إحلال السلام في أفغانستان، كما أكد المسؤولين السعوديين بأن التعاون الإقليمي المشترك عامل أساسي على إحلال السلام في هذا البلد ووعدا الرئيس التنفيذي ببذل جهود في هذا الصدد.

كما ذكر سابقاً فإن للسعودية نفوذ كبير على باكستان والمجموعات المتشددة والإرهابية في أفغانستان وهي إن وضعت أهدافها الإقليمية جانباً وبذلت جهود صادقة من المؤكد أنها ستتسفر عن نتائج إيجابية. لكن جرت العادة بأن البلدان التي تربطها علاقات مع كابول أنها تولي أهمية أكبر وتصب همها على الولوج والحصول على إمتيازات في هذا البلد لإستعمالها كوسيلة ضغط على بلدان المنطقة والأعداء. هذا بالإضافة إلى أن الرياض تسعى عبر ما تملكه من ثروات طائلة أن تكون مركز محادثات السلام الأفغانية بدلاً من قطر، على أن التنافس بين الدولتين الخليجيتين من الممكن أن تؤثر سلباً على مباحثات السلام وتصطدم بعوائق وخيمة.

على أية حال يمكننا القول بأن آل سعود يسعون لتحقيق أهدافهم الخاصة وبناء للأساليب المتداولة فإن لديهم لعبة جديدة في أفغانستان عبر إشراك الحزب الإسلامي بزعامة قلب الدين حكمتيار الذي يعتبر خاتم بإصابعهم هم والباكستانيين.

بمعنى آخر فإن بلداً أسس حركة طالبان وكانت مهداً للتنظيمات الإرهابية المتشددة كالقاعدة وداعش تسعى لإحلال السلام في أفغانستان، لكن الوضع ليست كما في السابق؛ فطالبان الآن ليست جسماً واحداً كالذي ترعرعت على يد السعودية في اوائل تكوينها وقد إنقسمت الحركة إلى عدة أجنحة بعضها ليس لديها أي علاقة مع آل سعود والرياض.

Author

Exit mobile version