العربیه

كركوك واتجاهات الحرب

لم يتكلم أحد من فقهاء الحروب وقادتها عن سهولة ادارتها في كل الأزمنة والأوقات، ولم يعدها أحد ممن خبر سوحها مقاتلا أو قائدا لمجموعة مقاتلين على أنها نزهة عابرة وكسب مضمون، بل وعلى العكس من هذا فان العديد من فلاسفتها أكدوا صعوبتها وأشاروا الى نتائجها الكارثية على عموم الأطراف المتقاتلة، وكتبوا عن مفاجآتها التي يصعب ادراك أبعادها.

والحرب الدولية بالضد من الارهاب التي تجري على الساحة العراقية واحدة من هذه الحروب التي تمتاز بالصعوبة وسعة التدمير وكثرة المفاجآت التي كانت من بينها مفاجأة الهجوم الداعشي الارهابي من خلال عدد من أفراده على كركوك والتمكن من دخولها والقتال في داخلها ليوم أو أكثر بقليل، وبالتأكيد أن لهذا الهجوم الداعشي غاية أو أكثر من غاية بينها اسقاط مدينة كركوك كما حصل في الموصل سابقاً أو فتح جبهة أخرى تشغل القوات المسلحة أو تلزمها على حشد قوات للقتال في كركوك على حساب الموصل.

لكن الاحتمالين المذكورين غير قابلين للتأكيد ولا يمكن أن يكتب لهما النجاح بأي حال من الأحوال، لأن عدد المهاجمين أو الذين ظهروا من النائمين داخل المدينة أقل من العدد الذي يمكّن داعش عسكرياً من اسقاط مدينة كمدينة كركوك أو فتح جبهة واسعة في محيطها والتي يتحكم في أمنها الكرد ذوو الخبرة والقدرة الجيدة في الدفاع عن المدينة، كما ان تركيبة كركوك الاجتماعية من العرب والكرد والتركمان والقليل من المسيحيين تجعل السيطرة عليها من قبل داعش مسألة صعبة، بالإضافة الى أن الحكومة المحلية في كركوك تختلف تماما عن الحكومة المحلية في الموصل ابان سقوطها، والحكومة المركزية الحالية في نظرتها وفلسفتها في ادارة الدولة والمجتمع وعلاقاتها بالحكومة المحلية وبالاقليم مختلفة عن تلك الحكومة التي كانت قائمة في العراق عام 2014 الذي تمكنت في زمنها داعش من دخول الموصل واسقاطها.

وعلى هذا يمكن أن تكون هناك غايات أخرى للهجوم بينها الحصول على أوراق مساومة على الوضع في الموصل، وبينها التخفيف من شدة الضغط النفسي على الدواعش الذين يقاتلون في الموصل في ظروف باتت صعبة عليهم وفي غير صالحهم نفسياً وعسكرياً، وكذلك جلب الانتباه والسعي لإعادة الثقة بالنفس ورفع المعنويات.

هذا واذا ما كان أي من هذه الغايات صحيحاً أو قريبا من الصحة فان تحقيقها سيكون صعباً اذ أن رد الفعل الأمني لحكومة كركوك كان قوياً، وتدخل حكومة المركز لدعم الحكومة المحلية كان جيداً، ونتائج القتال في محيط الموصل جيدة حتى باتت القوات العراقية تحيط بالموصل ولم يتبق على اقتحامها الا القليل، على هذا يمكن القول أن المفاجآت التي تقوم بها داعش أو التي تخطط للقيام بها سوف لن يكون لها الأثر الكبير على نتائج معركة الموصل التي باتت محسومة لصالح الدولة.

Author

Exit mobile version