تواصل موسكو العمل على جبهتين لحل الأزمة السورية، الأولى عسكرية، وتتضمن مواصلة «عاصفة السوخوي» في استهداف المجموعات المسلحة، والتي بدأت تتم، للمرة الأولى، بفضل معلومات تلقتها من المعارضة السورية، بالإضافة إلى انطلاق التنسيق الجوي مع الطائرات الحربية الأميركية، والثانية سياسية، وتهدف إلى جمع مسؤولين من الحكومة السورية والمعارضة، وهو ما سارعت واشنطن إلى رفضه، معتبرة انه من المبكر القيام بهذا الأمر.
وكشف رئيس إدارة العمليات في هيئة الأركان العامة الروسية الجنرال أندريه كارتابولوف، في مؤتمر صحافي في موسكو أمس، أن المقاتلات الروسية استهدفت 24 موقعا لتنظيم «داعش» تم تحديدها بمساعدة المعارضة السورية.
وقال «اليوم (أمس) نفذ سلاح الجو الروسي 12 طلعة جوية، وضرب 24 هدفاً للإرهابيين باستخدام الذخيرة وقنابل كاب 500 عالية الدقة في منطقة تدمر ودير الزور وشرق حلب، وقد حصلنا على أماكن هذه المواقع من المعارضة السورية».
وأضاف كارتابولوف «لقد أعلنا مراراً استعدادنا للتعاون مع جميع القوى الوطنية السورية التي تقاتل ضد الإرهابيين من داعش وجبهة النصرة. أريد أن أحيطكم علما بأنه في إطار التحالف الدولي الواسع لمكافحة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط، أقمنا اتصالات مع قادة المعارضة السورية والقادة الميدانيين لعدد من التشكيلات». وتابع «لقد أنشأنا مجموعة تنسيق العمل، والتي لا يمكن الإفصاح عن تكوينها لأسباب واضحة. تم تنظيم عملهم المشترك في تنسيق الجهود المشتركة الموجهة لحل مسألة محاربة داعش».
وأعلن كارتابولوف أن الطائرات الروسية والأميركية أجرتا تدريبات مشتركة في الأجواء السورية لتجنب الاصطدام، موضحاً أن «هذه التدريبات جرت في إطار التعاون مع التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب ودول المنطقة لتجنب الحوادث الجوية وتعزيز الأمن في الأجواء السورية». وكانت واشنطن وموسكو وقعتا الأسبوع الماضي مذكرة تفاهم حول هذا الأمر.
وأكد البنتاغون أن الأميركيين والروس اختبروا بنجاح آلية تتيح لطياريهم الذين ينفذون عمليات في الأجواء السورية التواصل مباشرة لتجنب أي حوادث.
وقال المتحدث باسمه جيف ديفيس إن مقاتلة أميركية «أجرت اختبار تواصل تم إعداده مع مقاتلة روسية» في الأجواء السورية، لافتا إلى أن الاختبار استمر «ثلاث دقائق وحقق أهدافه».
وحرص مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية على التوضيح أن اختبار التواصل لا يمكن اعتباره بمثابة «تدريب مشترك»، وهي العبارة التي استخدمتها وزارة الدفاع الروسية في بيان عن الاختبار. وقال «أوقفنا كل (أوجه) التعاون العسكري مع روسيا بعد اجتياح القرم، وهذا يبقى ساريا».
إلى ذلك، كررت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا قولها إن موسكو لم تغير موقفها من الرئيس السوري بشار الأسد، وإن مصيره يتعين أن يحدده الشعب السوري.
وأعلنت زاخاروفا أن وزير الخارجية سيرغي لافروف سيلتقي المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا في موسكو اليوم، موضحة أن «الموضوع الرئيسي هو العملية السياسية في سوريا وبدء حوار حقيقي بين دمشق والمعارضة».
واتفق لافروف، في اتصال هاتفي مع الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إياد المدني، على العمل على جوانب محددة لإشراك المنظمة في تسوية الأزمة السورية في إطار «مباحثات فيينا».
وأعلن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أن مسؤولين من الحكومة السورية وأعضاء من المعارضة قد يجتمعون في موسكو الأسبوع المقبل، مع سعي روسيا للتوصل إلى تسوية سياسية للأزمة.
وقال بوغدانوف «الأسبوع المقبل سندعو ممثلي المعارضة إلى مشاورات في موسكو»، مضيفاً أن الاجتماع «قد يعقد بحضور ممثلين عن الحكومة». ولم يحدد من الذي سيحضر من المعارضة. وأوضح «ليست هناك مشكلة من طرف الحكومة، فقد وافقت منذ زمن طويل. حاليا نحن على اتصال مع ممثلي مختلف منظمات المعارضة السورية كي تفد إلى موسكو».
وسارعت وزارة الخارجية الأميركية إلى رفض مسعى موسكو جمع مسؤولين من الحكومة السورية والمعارضة. وقالت المتحدثة باسم الوزارة اليزابيث ترودو «نعتقد أن هذا سابق لأوانه»، مضيفة أنه سيأتي وقت ملائم لذلك، لكن في الوقت الحالي يجب أن تركز الدول المشاركة في الجهود الديبلوماسية بشأن الصراع السوري على ما تم الاتفاق عليه في المحادثات التي عقدت الأسبوع الماضي في فيينا.
وأعلن نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، بعد مباحثات أجراها في طهران مع مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، رفض أي مرحلة انتقالية في البلاد. وقال «لا توجد مرحلة انتقالية وهناك مؤسسات رسمية مستمرة بعملها»، مشيرا إلى أن «هذا لا يوجد إلا في أذهان المرضى». وأضاف «نتحدث عن حوار وطني وحكومة موسعة وعملية دستورية ولا نتحدث عن مرحلة انتقالية. الذين يقولون ذلك يجب أن يتوقفوا». وأكد أن الرئيس بشار الأسد «هو الرئيس الشرعي المنتخب من قبل الشعب السوري ويجب على الكل احترام هذه الإرادة».
وقال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، لإذاعة «أوروبا 1»، إن «الحل الوحيد هو إجراء انتخابات في وقت ما، طبعا بعد إحلال الأمن، لكن دون أن يترشح الأسد في هذه الانتخابات»، معتبراً أن مشاركة الأسد في أي انتخابات جديدة ستكون بمثابة «إقرار بعجزنا عن التوصل إلى حل. فقد أعيد انتخاب الأسد في اقتراع صوري في العام 2014 وحاول الروس والإيرانيون جرنا في هذا الاتجاه، إلا انه تبين انه طريق مسدود أفضى إلى مزيد من الحرب ومزيد من الإرهاب».