العربیه

تحرير الفلوجة تحرير للعقول

منذ ان أعلن رئيس الوزراء العراقي والقائد العام للقوات المسلحة، حيدر العبادي، في ليل الأحد على الاثنين، 22 إلى 23 مايو/أيار الماضي ، انطلاق عملية تحرير الفلوجة من “البعثيين الدواعش” وحتى تحريرها يوم الجمعة 17 حزيران / يونيو ، استخدم التحالف المؤيد ل”داعش” في داخل العراق وخارجه ، كل ما في ترسانته من اسلحة طائفية محرمة ، من اجل انقاذ “البعثيين الدواعش” ، والحيلولة دون تحرير الفلوجة ، والابقاء على سيف “داعش” الدموي مسلطا على رقاب أهل هذه المدينة ، التي لم تذق طعم الراحة والهدوء منذ ان تحولت الى ركيزة في المشروع التكفيري الذي يضرب المنطقة.

25 يوما ، يفصل بين انطلاق عملية تحرير الفلوجة ، وبين رفع العلم العراقي على مبنى قائم مقامية في المدينة ، وهي فترة زمنية ليست بالطويلة ، وكان من الممكن ان تكون اقصر ، لو لم تضع القوات العراقية المهاجمة اعتبارا لاهالي المدينة ، الذين استخدمهم “البعثيون الدواعش” دروعا بشرية ، ولكن هذه الفترة القصيرة ، كانت متخمة بالضجيج الاعلامي الذي وصل الى عنان السماء ، والذي وقف وراءه اخطبوط اعلامي طائفي قبيح ذو رأسين ، ديني وسياسي ، حاول بكل ما في قلبه من حقد وغل على العراقيين ، ان يرسم صورة متناقضة عما يجري ، وتسويق هذه الصورة المزورة والمشوهة للعراقيين والعرب والمسلمين ، على انها واقع الحال في الفلوجة ، فتم تسويق  “الدواعش” على انهم “ثوار” و “سنة الفلوجة” و “مدنيون” ، في مقابل تسويق الحشد الشعبي ، الذي يضم كل مكونات الشعب العراقي على انه “ميليشيا طائفية” ، اما معارك تحرير الفلوجة فتم تسويقها على انها “حرب ضد السنة” ، فيما توالت التقارير ، التي سوقها هذا الاخطبوط القبيح ، عن “مجازر واعتداءات واعدامات بالجملة وو.. يتعرض لها اهالي الفلوجة على يد عناصر الحشد الشعبي ” ، وهي تقارير لم يكن لها اي وجود على الارض ،  الا في العقول الحاقدة والمريضة والمغرضة ، التي كانت تدير هذا الاخطبوط الاعلامي الطائفي القبيح.

بالرغم من ان العراقيين قطعوا راس الافعى في الفلوجة ، وحققوا انتصارا ملحميا على “البعثيين الدواعش” والمعسكر الضخم الذي كان يمدهم بكل اسباب القوة والاستمرار ، الا انه كان ايضا انتصارا مدويا نزل كالصاعقة على مثيري الفتن من شيوخ الفتنة والسياسيين “الدواعش” والاعلاميين “الدواعش” ، وكشف زيفهم وخداعهم لابناء الفلوجة ، بعد ان استخدموهم كوسيلة لتحقيق الهدف الرئيسي للجهات التي تقف وراء المشروع التكفيري ، وهو تقسيم العراق وشرذمة  شعبه.

بعد هذا الانتصار المدوي على “دواعش الذبح”و “دواعش” السياسة” و “دواعش الاعلام ” ، في الفلوجة ، يجب ان يقيم اهالي الفلوجة محاكمة لكل من ساهم في ان تتحول مدينتهم الى “قندهار” عراقية ، وكل من حاول ان يبقى “الدواعش” يغتصبون مدينتهم ، وكل من برر جرائم وفظائع “البعثيين الدواعش” على مدى العامين الماضيين ، وكل من اعتبر هذه الممارسات الداعشية على انها “صمود ومقاومة اهل السنة في مواجهة الحكومة الشيعية في بغداد ” ، وكل من حاول الصاق التهم الشنيعة بالحشد الشعبي الذي يمثل خيرة ابناء العراق ، وقدم كل التضحيات الجسام من اجل تحريرهم.

يكفي اهالي الفلوجة مراجعة سريعة لتصريحات ومواقف “دواعش” السياسة والاعلام ، وشيوخ الفتنة خلال الايام ال25 الماضية ، على خلفية تحرير الفلوجة ، حتى يعرفوا من هم الذين كانوا يستخدمونهم كوسيلة لتحقيق اهداف جهات اقليمية لا تقيم وزنا لا للفلوجة ولا لاهلها ،ومن هم الذين كانوا يعدون الايام لتحريرهم من عصابات “البعث الداعشي” ، دون اي اعتبارات طائفية او مناطقية ، فهذه المعرفة ستحول دون تكرار مآساة الفلوجة مرة اخرى ، وتحول دون تكرار الخطأ القاتل ، الذي ارتكبه بعض اهالي الفلوجة ، عندما انتخبوا اناسا ، كان من المفترض ان يكونوا ممثلين عنهم في مجلس النواب ، ولكن للاسف الشديد ، كانوا ممثلين للجهات التي تقف وراء المشروع التكفيري ، الذي حول بعض المناطق الغربية من العراق ، كقاعدة انطلاق لتنفيذ هذا المشروع الذي لا ناقة لابناء هذه المناطق فيها ولا جمل ، وفي مقدمتهم اهالي الفلوجة.

نقول ان معرفة الاعداء من الاصدقاء بالنسبة لاهالي الفلوجة ، هو امر في غاية الاهمية ، فالتقليل ن اهمية هذه المعرفة ، قد تجعل اهالي الفلوجة يدفعون اثمانا باهظة مرة اخرى ، لاسيما لو علمنا ان الجهات التي تقف وراء المشروع التكفيري في العراق والمنطقة ، لم تفقد الامل بعد ، فهذا المتحدث باسم مكتب شؤون عشائر الانبار سفيان العيثاوي، حذر في اليوم التالي من تحرير الفلوجة ، من وجود مؤامرات مدعومة دوليا لإعادة “داعش” إلى المناطق المحررة في محافظة الانبار ،من خلال استخدام بعض أصحاب الأموال المدعمين دوليا لايجاد حراك سياسي في المحافظة من اجل إيقاف عملية تحرير الفلوجة ، عبر  شراء ذمم بعض أعضاء مجلس محافظة الانبار لاستجواب المحافظ وشخصيات أخرى هدفها التغطية على عمليات الفلوجة ، للوصول الى الهدف النهائي وهو ابقاء اهالى المناطق الغربية من العراق تحت رحمة “الدواعش” ومخططات الجهات التي تقف وراء المشروع التكفيري.

ان الفرصة التي وفرها الحشد الشعبي والجيش العراقي لاهالي الفلوجة ، هي فرصة تاريخية لا تعوض ، فتحرير الفلوجة هو تحرير للعقول ، فمن الخطا ان يقع بعض اهالي الفلوجة في فخاخ  احزاب وشخصيات وشيوخ يرفعون كذبا وزورا لواء الدفاع عنهم ، ويمكن وبسهولة معرفة هؤلاء ، رغم كل الضغط الاعلامي الطائفي المضلل ، فكل من وجدوه حزينا ويشكك بالنصر على “الدواعش” في الفلوجة ، وكل من يبكي و يتباكى على هزيمة “الدواعش” في الفلوجة ، وكل من يلوذ بالصمت و ينحب صامتا ، هم انصار “داعش” واعداء اهالي الفلوجة ، مهما كانت مناصبهم وعناوينهم.

Author

Exit mobile version