العربیه

امريكا لا تريد دعم افغانستان بعد أنتهاء ولاية أوباما

امريكا لا تريد دعم افغانستان بعد أنتهاء ولاية أوباما

بعد الصبر والتأني اللذين أبان عنهما حتى الآن في سحب القوات الأميركية من أفغانستان، يفترض الرئيس باراك أوباما اليوم أن لا الرئيس المقبل ولا الجمهور الأميركي لديهما الرغبة في مواصلة ولو جهد أميركي متواضع في أفغانستان بعد 2016، إذ يقضي مخططه بإزالة كل القوات المحاربة من البلاد مع نهاية فترته الرئاسية، حيث لن تبقى هناك سوى مهمة تدريب صغيرة وعملية حراسة للسفارة الأميركية. لكن هذا المخطط يثير أسئلة مهمة.

إن المقاربة الصائبة تكمن في حماية أوباما لاستثماراتنا في أفغانستان وتسليم خلفه قوات وأدوات عسكرية ستكون حاسمة في 2017 وبعدها.

فنحن نستطيع أن نبرمج نهاية لدورنا في حرب ذاك البلد، لكننا لا نستطيع أن نبرمج نهاية للحرب هناك أو نهاية للتهديد الذي تطرحه «القاعدة» أو «داعش» أو عناصر متطرفة أخرى من الجهاد العالمي.

وإلى ذلك، فإن القيادة السياسية والجمهور الأفغانيين يريدوننا أن نبقى.

ثم إننا ذهبنا إلى أفغانستان لسبب قوي ومقنع: ضمان ألا تتحول أفغانستان مستقبلا إلى ملاذ لـ«القاعدة»، مثلما كانت عندما تم التخطيط لهجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 في عهد «طالبان». وهدف هذه المهمة مستمر.

فرغم أن قيادة «القاعدة» أُضعفت على مر السنين، فإن زعماءها المتبقين والتنظيمات التي خرجت من عباءتها مازالت تختبئ في حزام البشتون من المناطق القبلية في باكستان وبعض مناطق أفغانستان.

ثم إننا لا نملك أي طريقة واقعية للتعاطي مع التهديدات في هذه المنطقة بدون قواعد عسكرية في شرق أفغانستان، فالمحيط الهندي بعيد جداً، ونحن لا نملك خيارات جيدة لقواعد برية بديلة.

صحيح أن وتيرة العمليات الأميركية ضد المتطرفين في هذه المنطقة قد تقل بعض الشيء، والواقع أنها قلّت منذ بعض الوقت بالفعل. لكن الحاجة إلى مراقبة جيدة وعمليات عسكرية من حين لآخر لا يمكن استبعادها.

ثم إنه إذا عرف المتطرفون أننا حرمنا أنفسنا من مثل هذه القدرات، فإن احتمال بحثهم عن ملاذ في هذه المنطقة الاستراتيجية سيزداد.

وعلاوة على متطلبات وضرورات جهودنا لمحاربة الإرهاب العالمي، فإن أفغانستان نفسها بحاجة للمساعدة. وإذا كان الوضع هناك ليس ميؤوساً منه، فإنه هش ومقلق. فإقليم هيلمند في الجنوب يواجه خطراً، على غرار كندز ومناطق أخرى في الشمال.

وبدوره، مازال الشرق مضطرباً، وهو منطقة تعاني من المشاكل والتهديدات جراء شبكة حقاني التي تتخذ من المناطق القبلية في باكستان قاعدةً لها.

وإلى ذلك، مازالت كابول تتعرض لهجمات من حين لآخر مثل الهجوم الأخير على البرلمان.

وفي الأثناء، تواصل قوات الجيش والشرطة الأفغانيين دعم الكثير من المكاسب التي تحققت خلال السنوات الأخيرة، حتى بعد انسحاب قوات «الناتو» بنسبة 90٪. لكن القوات الأفغانية تدفع ثمناً باهظاً، حيث تخسر عدة آلاف من الجنود كل عام. والإصابات هذا العام أكبر بـ50٪ مقارنة بالعام الماضي. فـ«طالبان» تختبر شركاءنا الأفغان، وهم صامدون حتى الآن، لكن الوضع يبعث على القلق.

إن المقاربة الصائبة بالنسبة للولايات المتحدة لا تكمن في الانسحاب العام القادم وإنما في الإبقاء على بعض القواعد وآلاف الجنود الأميركيين والأطلسيين هناك في المستقبل القريب.

ويمكن لقمة «الناتو» في بولندا، الصيف المقبل، أن تكون مناسبة للحصول على موافقة الحلف على تمديد إضافي للمهمة، كما يمكن أن تكون مناسبة أيضاً لتغيير النظرة إلى الجهد الغربي في أفغانستان، إذ بدلا من النظر إلى الالتزام هناك على أنه عملية بناء بلد لا تنتهي، فإنه ينبغي النظر إليه كشراكة دائمة مع أفغانستان، وهي دولة تقع على خط الجبهة في الصراع ضد المتطرفين الإسلاميين.

صحيح أن مثل هذه العملية ستكون لها تكاليف أميركية باهظة، ربما 5 مليارات إلى 10 مليارات دولار سنويا من النفقات العسكرية الأميركية، علاوة على مليارين إلى ثلاثة مليارات دولار للمساعدة على دعم القوات الأفغانية، إضافة إلى بعض الإصابات بدون شك.

لكن مقارنة مع الإمكانات التي استثمرت حتى الآن (أكثر من ألفين من الأرواح الأميركية وقرابة تريليون دولار من النفقات)، ومقارنة مع شبح هجوم إرهابي كبير آخر على التراب الأميركي يخطط له من معقل للإرهابيين في جنوب آسيا.. فإن مثل هذه الكلفة يمكن تحملها!

ديفيد بترايوس

جنرال أميركي متقاعد قاد قوات التحالف في أفغانستان بين 2010 و2011

زميل مؤسسة بروكينجز في واشنطن

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»

Author

Exit mobile version