العربیه

الانسحاب الامريكي من أفغانستان (باكستان- طالبان- خيار الصفر)

الانسحاب الامريكي من أفغانستان (باكستان-طالبان-خيار الصفر)
تقرير وكالة أنباء الشرق الأوسط أفغانستان
لا يتقدم ملف، في حسابات الرئيس الأميركي باراك أوباما، على ملف الانسحاب من أفغانستان العام المقبل. يريده كجزء من تركته. وأهم ما فيه، بالنسبة له، أن يحصل بصيغة تضمن أمرين، هما حفظ ماء الوجه وأن لا تعقب المغادرة حالة أفغانية شبيهة بتلك التي تركها الانسحاب السوفييتي مطلع 1989.
مفتاح الضمان، كما تراه واشنطن ولفيف واسع من خبراء السياسة الخارجية؛ يكمن في تحقيق تسوية سياسية نابعة من حوار بين الأطراف الأفغانية وبمشاركة الجوار، خاصة باكستان.
الحلّ العسكري انطوى خياره.
وحده هذا السبيل يمكنه أن يكفل تنفيذ عملية انسحاب منظّم وربما مفتوح على تطوير الوضع الأفغاني لاستكمال بناء دولته بحيث لا يكون ملاذاً للتطرف بعد الآن.
بدأ العمل في هذه الوجهة.
في يونيو الماضي، بلغت المحاولات عتبة إطلاق الحوار. لكن فجأة انتكست الجهود.
التفاوض بين واشنطن وطالبان تعطّل.
بدء الحوار بين كابول وطالبان، الذي كان من المفترض أن يعقب الجولة التفاوضية الأميركية الطالبانية، صار على كفّ عفريت.
كما توقف الحوار، حتى الآن، الذي كان قد بدأ بين واشنطن وكابول حول حجم ووضع القوات الأميركية المزمع تركها في أفغانستان بعد الانسحاب.
وبذلك رجع كل طرف إلى لعبة العضّ على الأصابع لتحسين وضعه التفاوضي.
لكن اللعبة تمادت، وبدأت تأخذ طابع التحوّل من تكتيك تفاوضي إلى بديل استراتيجي يقوم على “التصفية”، أو في أقله إلى تلويح بمثل هذا التحوّل.
الاحتقانات والشكوك والإحباطات المتراكمة، وضعتها في هذا السياق.
تجلّى ذلك في “خيار الصفر” مع تسريع الانسحاب، الذي طرحته إدارة أوباما أخيراً.
أي الانسحاب التام وتصفية الحرب الأفغانية بالكامل، بحيث لا يبقى أي اثر عسكري أميركي هناك بعد 2014، وربما قبل نهايتها.
أتى ذلك في إطار التوتر الذي بلغ ذروته بين واشنطن وكابول، مع فتح مكتب الدوحة.
تشكو الإدارة من تزايد الإحباط في تعاملها مع الرئيس “الزئبقي” قرضاي.
من جهته، ينظر الرئيس الأفغاني بارتياب إلى واشنطن، التي قد تحاول عقد صفقة من وراء ظهره مع طالبان، بمساعدة إسلام اباد؛ لتسهيل وتسريع الانسحاب.
ملابسات الافتتاح رفع علم واسم الحركة على المبنى ثم إزالتهما في 18 يونيو الماضي، عزّزت التوجسات المتبادلة، ونسفت معها الخطوة ليسيطر الجمود بعد 48 ساعة على بدئها؛ إثر مغادرة ممثلي طالبان المكان، وإن لم يعلن إقفال المكتب رسمياً.
واشنطن تسرّعت.
كانت مستعجلة على التفاوض مع طالبان من دون تطمين وتنسيق كافيين مع الرئيس قرضاي، المتوجس أصلاً والذي ذهب إلى حدّ اتهام واشنطن “بتحريض تيارات التشدّد ضدّه” وبأنها تتصرف بخصوص القواعد العسكرية المزمع تركها في أفغانستان بعد الانسحاب، “بذهنية امبريالية”.
وكان سبق ذلك مناكفات عديدة بينهما، لم تفلح الزيارات المتبادلة سوى في معالجتها بالمسكّنات.
ثم إن هذه الحرب مكروهة لدى الأميركيين.
طالت أكثر من أي حرب سابقة. كلفتها السنوية تزيد على مئة مليار دولار.
لا نصر حاسم فيها ولا مخرج مضمونة نتائجه منها.
على هذه الخلفية جاء “خيار الصفر”، الذي فاجأ المراقبين، بالرغم من تفهمهم لمسوغاته.
بعض خبراء السياسة الخارجية سارعوا إلى التحذير من العواقب الأمنية الخطيرة، الأفغانية والأميركية والإقليمية فضلاً عن الدولية.
“المغادرة التامة المبكرة، من شأنها أن تعزّز الاعتقاد بأن الحرب كانت مهمة فاشلة” مع ما يترتب على ذلك من مضاعفات، كما يقول مايكل اوهانن، خبير الشؤون الخارجية والدفاعية في مؤسسة بروكنغز للدراسات والأبحاث في واشنطن.
علاوة على ذلك، “يعزّز مثل هذا الانسحاب بل يبرّر، احتضان باكستان لحركة طالبان، من باب أنها قوة احتياط لها فيما لو عادت الحرب الأهلية إلى أفغانستان”.
والجانب السلبي الأخطر أن المغادرة بهذه الطريقة لا تتفق مع حاجة القوات الأفغانية إلى مواصلة الدعم والتأهيل والمساندة في الفترة التي تعقب الانسحاب”، كما يقول.
فهذا شرط أساسي لمنع الانهيار وتكرار ما تلا الانسحاب السوفييتي.
وفي النهاية “أفغانستان ليست الرئيس قرضاي”. لأميركا مصلحة استراتيجية في مواصلة بناء دولتها.
ربما كان طرح هذا الخيار من باب الضغط على كابول.
رئيس هيئة الأركان الجنرال مارتن دامبسي قام بزيارة كابول لإبلاغ الرسالة.
قال على إثرها إنه لم تعد هناك حاجة لخيار الصفر.
لكن اقتراب الاستحقاق واستعجال أوباما المفقود الود بينه وبين نظيره الأفغاني، يبقيه على الطاولة؛ مع كل ما قد ينطوي عليه من تداعيات.

Author

Exit mobile version