العربیه

الأفكار الظلامية تهدد استقرار المنطقة

 

بقلم الكاتب: حسين عبد الساتر

تناولت تقارير استخباراتية سربتها بعض وسائل الإعلام الغربية في الآونة الأخيرة، التطورات الحادثة في العلاقة بين المثلث “السعودي – التركي – الإسرائيلي”، والذين تلاقت مصالحهم على حساب شعوب المنطقة، ساعين لتفتيت وتدمير المنطقة، ولكل منهم حساباته الخاصة، فالرياض تسعى للوقوف في وجه إيران بأي شكل، في حين يسعى الأتراك لاستعادة مجدهم في المنطقة من خلال أحلام “الخلافة”، في حين تأتي مصلحة “بني صهيون”، في اشتعال المنطقة وانهماك الشعوب والحكومات العربية والإسلامية بالاقتتال الداخلي، والذي ينهك قوة الجميع، وتصبح الأراضي العربية كلها لقمة سائغة لهم، ويفتح لهم هذا الأمر التوسع والتمدد في المنطقة، ما يحقق حلم الصهاينة.

 

وقد وجدنا أنفسنا في منطقة مشتعلة، وقد قادتها السعودية إلى حالة من الانقسام المخيف ما بين سنة وشيعة، في خلاف مذهبي طائفي بغيض، لا نعلم إلى أين يذهب بنا ذلك التقسيم البغيض، وسط إصرار من السعودية التي تتخذ من الوهابية مذهبًا، على العداء الصريح لإيران، وجر باقي الدول السنية خلفها في صف العداء، الذي لا يربح منه أحد، بل تخرج الأمة كلها خاسرة في النهاية، ويربح الصهاينة الذين يريدون تدمير الأمة كلها وهم في آمان، بعيد عن الصراعات.

ومن ناحية أخرى فإن الفكر الوهابي الذي تأسست ونشأت عليه المملكة السعودية، يتعارض مع الوسطية الدينية التي تتمتع بها مصر، فذلك النهج الذي ابتدعه “محمد ابن عبدالوهاب”، يعادي كل ما هو وسطي، حتى المختلفين معه من أهل السنة لا يسلمون من تكفير الوهابية، وقد نشأت الجماعات الإرهابية من رحم ذلك الفكر المتطرف، والذي سقط بسببه آلاف القتلى من المسلمين في الحجاز وحدها، وها هي الجماعات الإرهابية التي تشعل المنطقة، تتحدث أيضا بلسان ابن عبد الوهاب، الذي أضر بتشدده الأمة الإسلامية كلها. وأدت سياسات المملكة لاشتعال الحروب في العراق وسوريا واليمن، وضربت الفوضى ليبيا، بحجة مواجهة ما تسميه بالمد الشيعي، بالإضافة لتعطيل السعودية لانتخاب رئيس جديد للبنان حتى يومنا هذا، لحسابات ومصالح خاصة لها في لبنان، هذا بالإضافة إلى دورها في إسقاط النظام الليبي ومقتل الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، الأمر الذي أدى لتدمير ليبيا ووقوعها فريسة في يد الجماعات الإرهابية، والتي تحظى بدعم عدد من شيوخ الوهابية في السعودية وخارجها.

المثير أن التحالف الثلاثي الذي تسعى المملكة لتكوينه للوقوف في وجه إيران، والذي يضم الكيان الصهيوني، يدور الحديث عنه داخل الأراضي العربية المحتلة وكأنه مفاوضات سياسية عادية، وتتناوله الصحف الإسرائيلية كما تتناول الشئون اليومية، وقد أكد ذلك تسريب عدد من اللقاءات السرية بين مسئولين بوزارة الدفاع السعودية ومسئولين إسرائيليين، بالإضافة إلى اللقاءات المعلنة بين الأتراك والصهاينة، والتي تمت خلال الأسابيع القليلة الماضية، في تقارب يثير قلق الكثير من الدول العربية، خاصة مصر التي تعادي إسرائيل، وعلاقتها متوترة بالنظام الحاكم في تركيا.

وتدرك مصر أن أي تحالف يضم تركيا لا يمكن أن يكون في صالحها، خاصة أن حزبها الحاكم ورئيسها رجب طيب أردوغان يدعمان جماعة الإخوان المسلمين “الإرهابية”، كما يعادون النظام المصري برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسي، بل الأكثر من هذا كيف يكون للقاهرة موقف مؤيد للكيان الصهيوني، عدوها الرئيسي، والتي تدخل ذلك التحالف لخلق حالة من الحرب بين المسلمين السنة والشيعة، أو إشعالها بشكل مستمر، لتكون هي الرابح الأول مما يجري وتمر به المنطقة من اضطرابات وفوضى.

وقد كشفت الأيام والمواقف المتتالية، أن النظام الحاكم في مصر، لا يفكر بنفس الطريقة التي تفكر بها السعودية أو تركيا، فالنظام المصري كاره للحروب والتي يرى أنها تدمر الاستقرار، ولا يدفع فاتورتها سوى البسطاء من الشعوب، وتسعى مصر لترسيخ مبادئ الوفاق والحوار لإنهاء القضايا العالقة في المنطقة، وقد أعلنت ذلك في مواقف كثيرة، بل ودعت إلى الحوار بين الفرقاء في سوريا واليمن وفي ليبيا، لإخماد نيران الحروب المستعرة في المنطقة.

وتخوض السعودية معركة يراها البعض غير مبررة، على أكثر من محور في مواجهة أنظمة متعددة، والتحالف معها في تلك المعارك تعني المشاركة في هذه الجبهة المشتعلة، وهذا يعني أن كل من يقوم بخطوة كهذه سيعرض شعبه للخطر في معركة ليست معركته من الأساس، وهي معركة غير مدفوعة الثمن، فالمملكة لن تدفع مجددًا لحلفاءها، وستكتفي بما قدمته من قبل، بسبب ما تكبدته خزائنها من خسائر بسبب فاتورة الحروب التي تخوضها على أكثر من اتجاه في وقت واحد، الأمر الذي طال الشعب السعودي نفسه، وبدأ يشعر به، وربما كانت أول ملامحه في مضاعفة أسعار الوقود.

Author

Exit mobile version