أفغانستان تتحدى طالبان في الآثار

15 يناير 2014

أفغانستان تتحدى طالبان في الآثار

تقرير وكالة أنباء الشرق الأوسط أفغانستان

تبعث كل قطعة من هذه الآثار التي أعيدت إلى مكانها في صالة المتحف الوطني الأفغاني، والذي أعيد بناؤه بعد تعرضه للقصف والنهب، برسالة تحد وصمود.

هذه الرسائل لا تقتصر على جماعة طالبان، التي حطمت في عام 2001 كل ما عثرت عليه ضمن مقتنيات المتحف من تماثيل لأشخاص أو حيوانات على السواء، بل إلى أمراء الحرب الذين قاموا بعمليات سلب ونهب للمتحف، والذين لا يزال البعض منهم يحتل مناصب رفيعة في الحكومة الأفغانية، وكذلك القائمون على الآثار الذين غضوا الطرف عن سرقة بعض الآثار التي يعود تاريخ البعض منها إلى 7000 عام.

قبل بضع سنوات، أعلن المتحف تعرض 70 في المائة من المقتنيات للتدمير أو السرقة بما في ذلك قطع بالغة الأهمية تعود إلى العصرين الحجري والبرونزي مرورا بالزرادشتية والبوذية وصدر الإسلام، وتوثق لبعض أكثر الثقافات العالمية القديمة غموضا.

بيد أن فريق آثار أميركيا تمكن من إعادة تجميع ثلاثمائة قطعة بشق الأنفس، من بين 2.500 قطعة قامت طالبان بتحطيمها، إلى الصورة التي كانت عليها قبل بضع سنوات، والكثير من القطع الأخرى لا تزال موزعة في صناديق وأوان تنتظر دورها في الترميم، بحسب تقرير لـ«نيويورك تايمز».

كما استعيدت بعض المحتويات المنهوبة، بعد إعلام موظفي الجمارك في جميع دول العالم بشأن كيفية التعرف على القطع الأثرية الأفغانية، حيث تعاون الإنتربول واليونيسكو مع الحكومات حول العالم لضبط وإعادة ما لا يقل عن 857 قطعة فريدة – بعض هذه القطع لا يقدر بثمن، مثل تمثال الأميرة الباخترية الذي يعود إلى 4000 عام، والذي اختفى من المتحف. كما جرت استعادة 11000 قطعة أخرى بعد أن ضبطتها سلطات الحدود الأفغانية قبل تهريبها إلى الخارج.

وجرى تزويد المتحف مؤخرا بنظام أمني قامت بتمويله الحكومة الأميركية تم الانتهاء منه مؤخرا، كنوع من التحوط ضد عمليات النهب التي ابتلي بها المتحف على مدى خمس وثلاثين سنة.

ويقترب فريق من علماء الآثار التابعين لمعهد الشرق بجامعة شيكاغو من الانتهاء من منحة ثلاث سنوات مقدمة من الحكومة الأميركية لتسجيل مقتنيات المتحف، وإنشاء سجلات رقمية، بهدف حمايته من السرقات المستقبلية، وسوف يساعد المشروع أيضا في عمليات الترميم كما سيشكل مصدرا بحثيا للدارسين من جميع أنحاء العالم.

وقال مايكل فيشر، عالم الآثار الذي يقود الفريق: «إذا كنت لا تدري قيمة ما تملكه، فلن تكترث لحمايته. وعندما تفعل تتكشف القصة برمتها، وستصعق من هول ما تراه، فالكثير من هذه المقتنيات تراث إنساني أصيل».

يرأس هذا المعهد أومارا خان مسعودي، الذي لم يحصل على أي شهادة في الآثار، لكنه يملك مقومات لا تقبل التشكيك، فهو أحد أمناء المتحف الرئيسيين، الذين كانوا يحتفظون بمفاتيح الخزائن التي أخفيت فيها بعض أعظم كنوز المتحف بما في ذلك الكنز الباختري، الذي يضم مجموعة من المقتنيات الذهبية والفضية التي يعود تاريخها إلى 2000 عام.

وتمكن مسعودي ورفاقه من التحايل لحماية الكثير من هذه المقتنيات في خزينة خلال الحرب الأهلية الطاحنة وما أعقبها من حكم طالبان.

وقام أمناء المتحف بإخفاء بعض أفضل التماثيل في غرف بوزارة الثقافة، أو في بعض الزوايا المبهمة في قاعة العرض الموزعة في جميع أرجاء المعرض، والحفاظ على الكثير منها قبل وصول طالبان حركة التدمير التي قامت بها طالبان، عندما قامت في تلك الأسابيع الغاضبة من المسارعة إلى تدمير صورة الأشخاص والحيوانات التي اعتبروها شركا، بما في ذلك تمثال بوذا في ولاية باميان.

بعد استقرار الأوضاع، سارع أشخاص مثل عبد الله حكيم زاده، المرمم الذي قضى 33 سنة يعمل في المتحف، إلى جمع كل قطع الآثار التي حطمتها طالبان – ووضعها داخل أجولة وصناديق وهو ما ساعد بعد ذلك في عملية إعادة تجميعها.

ويقول حكيم زاده: «لو توافر لنا المال الكافي والموارد، لتمكنا من ترميم كل شيء».

وكان حكيم زادة، أيضا، واحدا من الحراس الرئيسيين لثلاث خزائن داخل القصر الرئاسي التي لم تتمكن طالبان من العثور عليها على الإطلاق.

 وبعد سنوات من التدمير الذي قامت به طالبان وأمراء الحرب، الذين أصدروا أوامر بنهب مجموعات أو قطع من المتحف بناء على طلب من جامعي الآثار، كان المتحف في حالة من الفوضى عند إعادة افتتاحه في عام 2004.

فقد كانت مخازنه مليئة بالصناديق وحقائب القطع، حتى أن المعروضات السليمة تراجعت حالتها كثيرا خلال السنوات التي فقد فيها سقف المتحف.

منذ ذلك الحين، وصلت الكثير من فرق الآثار، كانت غالبيتها من فرنسا، والتي ساعدت في تجميع هذه الآثار، وسافر مرممون مثل حكيم زاده إلى الخارج لدراسات هذه التقنيات في متاحف في أوروبا وأميركا.

وعندما ذهب فريق فيشر للقيام بإعادة تسجيل وترقيم المجموعة في عام 2012، كان الأمر أشبه بالتنقيب عن الآثار في المتحف ذاته، وقال عن ذلك: «في بعض الأحيان أشعر أننا ننقب في الحاضر، فقد كنا نطوف بالمتحف لنرى ما حدث».

خلال تلك الفترة صادف الفريق اكتشافات مذهلة، فالكثير من المقتنيات لم تجد مساحة للعرض أو الموارد اللازمة، وقد وضعت خطط لإنشاء متحف جديد، لكنها لا تزال في مرحلة جمع التبرعات.

كان من بين ما عثر عليه فريق جامعة شيكاغو في أحد أقبية المخزن طاولة حجرية عليها خطوط من الكتابة المسمارية، والتي عثر عليها في البداية في مكب نفايات قديم في قندهار، والتي أعتقد أنها فقدت منذ مدة طويلة، والتي اعتبرت دليلا على وصول حضارة كورش الكبير إلى الشرق الأقصى.

وتم استعادة بعض من عاج باغرام، الذي نحتت عليه بعض الرسوم التي يعتقد أنها سرقت من المتحف، البعض منها كان موجودا ضمن مقتنيات المتحف الخاصة والبعض الآخر صادرته شرطة الحدود.

ويقول فيشر: «كان الأمر أشبه بمحاولة إعادة تركيب خمسين لغزا في آن واحد، المشكلة أنك لم تكن تعلم الصلة بين كل منها ودون وجود صورة لها، ثم تجميعها سويا

Author

افغانستان

الآثار

المتحف

تحدي

طالبان


اكتب تعليقك الخاص عنون البريد الألكتروني ورقم الهاتف لن يظهر في التعليق

نام

ایمیل

دیدگاه


برای گزاشتن تصویر خودتان به سایت Gravatar مراجعه کنید.